( الفرق الرابع والسبعون الفرق بين قاعدة الاستثناء من النفي إثبات في غير الشروط وبين قاعدة الاستثناء من النفي ليس بإثبات في الشروط خاصة دون بقية أبواب الاستثناء ) هذا الفرق مبني على قاعدة وهي أن السبب يلزم من وجوده الوجود ومن عدمه العدم والشرط يلزم من عدمه العدم ولا يلزم من وجوده وجود ولا عدم والمانع يلزم من وجوده العدم ولا يلزم من عدمه [ ص: 96 ] وجود ولا عدم وقد تقدم بسط هذه الحقائق وتحريرها وتعليلها والفرق بينها فلا حاجة لإعادتها غير أن المقصود ها هنا أن تعلم أن الشرط لا يلزم من وجوده شيء إنما المؤثر عدمه فإذا قلنا الحياة شرط في العلم فمذهب nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك رحمه الله يلزم من عدم الحياة عدم العلم به ولا يلزم من وجود الحياة العلم به ولا عدم العلم به فكم من حي لا يعلم مذهب nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك وكذلك يلزم من عدم الطهارة الجزم بعدم صحة الصلاة ولا يلزم من وجود الطهارة الجزم بصحة الصلاة لاحتمال أن لا يصلي أو يصلي ولكن بغير نية أو ستارة أو ركوع أو غير ذلك وكذا يلزم من عدم الحول عدم وجوب الزكاة أما إذا دار الحول فقد تجب الزكاة .
وقد لا تجب لكونه فقيرا أو مديانا فوجود الشرط لا يلزم منه شيء إنما اللزوم عند عدمه إذا تقررت هذه القاعدة فقوله عليه السلام { nindex.php?page=hadith&LINKID=47740لا يقبل الله صلاة إلا بطهور } لا يلزم من القضاء قبل إلا بعدم القبول لعدم الطهارة القضاء بالقبول بعد إلا لوجود الطهارة التي هي شرط لأنه لا يلزم من وجود الشرط شيء فكذلك قوله عليه السلام { nindex.php?page=hadith&LINKID=31084لا نكاح إلا بولي } لا يلزم من القضاء بنفي النكاح قبل إلا لأجل عدم الشرط الذي هو الولي القضاء بصحة النكاح بعد إلا لأجل وجود الشرط الذي هو الولي لأنه لا يلزم من وجود الشرط شيء إنما المؤثر عدمه لا وجوده وكذلك قوله عليه السلام { nindex.php?page=hadith&LINKID=30864لا صلاة لجار المسجد إلا في المسجد } لا يقتضي أنه تحصل له صحة الصلاة أو الفضيلة إذا صلى في المسجد لجواز أن يصليها في المسجد وتكون صلاته باطلة والسر في جميع ذلك واحد وهو أن الشرط لا يلزم من وجوده شيء فيكون الاستثناء من النفي إثباتا مطردا فيما عدا الشرط وتكون الشروط مستثناة من إطلاق العلماء هذه القاعدة وإن مرادهم غير الشروط .
وأما الشروط فلا وهذا التخصيص من هذه القاعدة غريب قل من يتفطن له وبسبب التفطن له يبطل ما يورده الحنفية علينا في مسألة أن الاستثناء من النفي إثبات فيقولون لو كان الاستثناء من النفي إثباتا للزم القضاء بصحة الصلاة عند الطهور وبصحة النكاح عند الولي الوارد في الأحاديث ولما لم يلزم ذلك دل على أن الاستثناء من النفي ليس بإثبات وإلا لزم تخلف المدلول عن الدليل وهو خلاف الأصل فنجيب بما تقدم أن هذه الاستثناءات من باب الشروط ونحن إنما ندعي ذلك في غير الشروط فلا يرد علينا الشروط فاندفع السؤال فهذا هو حقيقة الفرق بين القاعدتين فتأمله وخرج عليه الاستثناءات الواقعة في الكتاب والسنة وكلام العرب والحالفين وغيرهم
حاشية ابن حسين المكي المالكي
( الفرق الرابع والسبعون بين قاعدة الاستثناء من النفي إثبات في غير الشروط وبين قاعدة الاستثناء من النفي ليس بإثبات في الشروط خاصة دون بقية أبواب الاستثناء ) وذلك لأن الشروط لما كان وجودها غير مؤثر في وجود المشروط ولا في عدمه وإنما المؤثر عدمها في عدمه لأن الشرط كما مر ما يلزم من عدمه العدم ولا يلزم من وجوده وجود ولا عدم كان من الضروري استثناء الشروط من إطلاق العلماء قاعدة الاستثناء من النفي إثبات وإلا لاتجه ما يورده الحنفية علينا من قولهم لو كان الاستثناء من النفي إثباتا للزم القضاء بصحة الصلاة عند الطهور لقوله صلى الله عليه وسلم { nindex.php?page=hadith&LINKID=47740لا يقبل الله صلاة إلا بطهور } والقضاء بصحة النكاح عند الولي لقوله صلى الله عليه وسلم { nindex.php?page=hadith&LINKID=31084لا نكاح إلا بولي } واللازم باطل ضرورة أن كلا من الطهور والولي شرط لا يلزم من وجوده شيء فلا يلزم من القضاء بعدم قبول [ ص: 107 ] الصلاة قبل إلا ولا من القضاء بنفي النكاح قبل إلا لأجل عدم الشرط فيهما القضاء بالقبول للصلاة بعد إلا لوجود الطهارة والقضاء بصحة النكاح بعد إلا لوجود الولي ولما لم يلزم ذلك دل على أن الاستثناء من النفي ليس بإثبات وإلا لزم تخلف المدلول عن الدليل وهو خلاف الأصل فلزم أن نقول في دفعه أن هذا الاستثناء الوارد في الحديثين المذكورين ونحوهما من باب الشروط ونحن إنما ندعي أن ذلك في غير الشروط فلا يرد علينا الشروط هذا هو حقيقة الفرق بين القاعدتين المذكورتين فتأمله وخرج عليه الاستثناءات الواقعة في الكتاب والسنة وكلام العرب والحالفين وغيرهم والله سبحانه وتعالى أعلم .