[ ص: 103 ] ( الفرق السابع والسبعون بين قاعدة الخلاف يتقرر في مسائل الاجتهاد قبل حكم الحاكم وبين قاعدة مسائل الاجتهاد يبطل الخلاف فيها ويتعين قول واحد بعد حكم الحاكم ) وذلك القول هو ما حكم به الحاكم على الأوضاع الشرعية اعلم أن حكم الحاكم في مسائل الاجتهاد يرفع الخلاف ويرجع المخالف عن مذهبه لمذهب الحاكم وتتغير فتياه بعد الحكم عما كانت عليه على القول الصحيح من مذاهب العلماء فمن لا يرى وقف المشاع إذا حكم حاكم بصحة وقفه ثم رفعت الواقعة لمن كان يفتي ببطلانه نفذه وأمضاه ولا يحل له بعد ذلك أن يفتي ببطلانه وكذلك إذا قال إن تزوجتك فأنت طالق فتزوجها وحكم حاكم بصحة هذا النكاح فالذي كان يرى لزوم الطلاق له ينفذ هذا النكاح ولا يحل له بعد ذلك أن يفتي بالطلاق هذا هو مذهب الجمهور وهو مذهب nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك ولذلك وقع له في كتاب الزكاة وغيره أن حكم الحاكم في مسائل الاجتهاد لا يرد ولا ينقض وأفتى nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك في الساعي إذا أخذ من الأربعين شاة لرجلين خليطين في الغنم شاة أنهما يقتسمانها بينهما ولا يختص بها من أخذت منه كما قاله nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي مع أنه يفتي إذا أخذها الساعي المالكي أنها [ ص: 104 ] تكون مظلمة ممن أخذت منه وعلل nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك ذلك بأنه حكم حاكم فأبطل ما كان يفتي به عند حكم الحاكم بخلاف ما يعتقده nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك ووقع له ذلك في عدة مسائل في العقود والفسوخ وصلاة الجمعة إذا حكم الإمام فيها أنها لا تصلى إلا بإذن من الإمام وغير ذلك ووقع للشافعية في كتبهم عن بعض أصحابهم أن الحكم إذا رفع لمن لا يعتقده لا ينفذ ولا ينقضه ويتركه على حاله والجمهور على التنفيذ لوجهين وهما الفرق المقصود في هذا الموضع أحدهما أنه لولا ذلك لما استقرت للحكام قاعدة ولبقيت الخصومات على حالها بعد الحكم وذلك يوجب دوام التشاجر والتنازع وانتشار الفساد ودوام العناد وهو مناف للحكمة التي لأجلها نصب الحكام وثانيهما وهو أجلهما أن الله تعالى جعل للحاكم أن ينشئ الحكم في مواضع الاجتهاد بحسب ما يقتضيه الدليل عنده أو عند إمامه الذي قلده فهو منشئ لحكم الإلزام فيما يلزم والإباحة فيما يباح كالقضاء بأن الموات الذي ذهب إحياؤه صار مباحا مطلقا كما كان قبل الإحياء والإنشاء والفرق بينه وبين المفتي بأن المفتي مخبر كالمترجم مع الحاكم والحاكم مع الله تعالى كنائب الحاكم معه يحكم بغير ما تقدم الحكم فيه من جهة مستنيبه بل ينشئ بحسب ما يقتضيه رأيه والمترجم لا يتعدى صورة ما وقع فينقله .
وقد بسطت هذا المعنى بشروطه وما يتعلق به في كتاب الإحكام في الفرق بين الفتاوى والأحكام وتصرف القاضي [ ص: 105 ] والإمام وهو كتاب جليل في هذا المعنى وإذا كان معنى حكم الحاكم في مسائل الاجتهاد إنشاء الحكم فهو مخبر عن الله تعالى بذلك الحكم والله تعالى قد جعل له أن ما حكم به فهو حكمه وهو كالنص الوارد من قبل الله تعالى في خصوص تلك الواقعة فيصير الحال إلى تعارض الخاص والعام فيقدم الخاص على العام على القاعدة في أصول الفقه وتقريبه بالمثال أن nindex.php?page=showalam&ids=16867مالكا رحمه الله تعالى دل الدليل عنده على أن تعليق الطلاق قبل الملك يلزم وهذا الدليل يشمل صورا لا نهاية لها فإذا رفعت صورة من تلك الصور إلى حاكم شافعي وحكم بصحة النكاح واستمرار العصمة وإبطال الطلاق المعلق كان حكم الشافعي نصا من الله تعالى ورد في خصوص تلك الصورة .
ولو أن الله تعالى قال التعليق قبل [ ص: 106 ] الملك لازم وقال التعليق قبل الملك في حق هذه المرأة غير لازم والعصمة فيها تستمر لقلنا هذان نصان خاص وعام فنقدم الخاص على العام كما لو قال اقتلوا المشركين لا تقتلوا الرهبان فإنا نقتل المشركين ونترك الرهبان كذلك يقول nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك أعمل هذا الحكم في هذه الصورة فتبقى بقية الصور عندي لا يصح فيها التعليق قبل النكاح جمعا بين نصي الخاص والعام ومن فهم الفرق بين المفتي والحاكم وإن حكم الحاكم نص من الله تعالى خاص في تلك الصورة المعينة لم يسعه إلا ما قال nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك والجمهور ولكن لما كان الفرق بينهما خفيا جدا حتى إني لم أجد أحدا يحققه خالف في ذلك من خالف ولم يوجب تنفيذ أقضية الحكام في مواقع الخلاف فهذا هو الفرق بين قاعدة الخلاف قبل الحكم وبين قاعدته بعد الحكم ومن أراد استيعابه فليقف على كتاب الإحكام في الفرق بين الفتاوى والأحكام فليس في ذلك الكتاب إلا هذا الفرق لكنه مبسوط في أربعين مسألة منوعة حتى صار المعنى في غاية الضبط والجلاء
حاشية ابن الشاط
[ ص: 102 - 103 ] قال ( الفرق السابع والسبعون بين قاعدة الخلاف يتقرر في مسائل الاجتهاد قبل حكم الحاكم وبين قاعدة مسائل الاجتهاد يبطل الخلاف فيها ويتعين قول واحد بعد حكم الحاكم وذلك القول هو ما حكم به الحاكم على الأوضاع الشرعية ) قلت ما قاله يوهم أن الخلاف يبطل مطلقا في المسألة التي تعلق بها حكم الحاكم وليس الأمر كذلك بل الخلاف يبقى على حاله إلا أنه إذا استفتى المخالف في عين تلك المسألة التي وقع حكم فيها لا تسوغ الفتوى فيها بعينها لأنه قد نفذ فيها الحكم بقولة قائل ومضى العمل بها فإذا استفتى في مثلها قبل أن يقع الحكم فيها أفتى بمذهبه على أصله فكيف يقول يبطل الخلاف ولو بطل الخلاف لما ساغ ذلك نعم يبطل الخلاف بالنظر إلى المسألة المعينة خاصة .
قال ( اعلم أن حكم الحاكم في مسائل الاجتهاد يرفع الخلاف إلى قوله ولذلك وقع له في كتاب الزكاة وغيره أن حكم الحاكم في مسائل الاجتهاد لا يرد ولا ينقض ) قلت ما قاله من أنه إذا حكم حاكم بصحة وقف المشاع ثم رفعت الواقعة لمن كان يفتي ببطلانه نفذه وأمضاه لقائل أن يقول لا ينفذه ولا يمضيه ولكنه لا يرده ولا ينقضه وفرق بين كونه ينفذه ويمضيه وكونه لا يرده ولا ينقضه .
قال ( وأفتى nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك في الساعي إذا أخذ من أربعين شاة لرجلين خليطين في الغنم شاة أنهما يقتسمانها بينهما ولا يختص بها من أخذت منه كما قاله nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي رضي الله تعالى عنه مع أنه يفتي إذا أخذها للساعي المالكي أنها [ ص: 104 ] تكون مظلمة ممن أخذت منه وعلل مالك ذلك بأنه حكم حاكم إلى قوله وهو مناف للحكمة التي لأجلها نصب الحكام ) قلت ما قاله من أن الجمهور على التنفيذ إن أراد به إبقاء الحكم على حاله وإقراره من غير تعرض له برد ولا نقض فذلك صحيح وإن أراد أن الحاكم الثاني الذي يخالف رأيه ذلك الحكم ينشئ تنفيذه الآن على خلاف رأيه موافقة لرأي من قد حكم به قبله ونفذه فليس ذلك عندي بصحيح وكيف يصح ذلك وفيه تحصيل الحاصل والحكم بما يخالف رأي الحاكم أما إذا كان المراد بتنفيذه إقراره وعدم نقضه والزجر عن الخصومة فيه لأنه حكم قد نفذه حاكم فذلك صحيح أو يحمل ذلك على قول من قال من الشافعية إنه إذا رفع لمن لا يعتقده لا ينفذه ولا ينقضه على أن يكون مرادهم بذلك أن لا يقره على حكم ذلك الحاكم ويزجر عن الخصومة فيه ولا ينقضه أيضا ابتداء بل يمكن من الخصومة فيه والله أعلم .
قال ( وثانيهما وهو أجلهما أن الله سبحانه جعل للحاكم أن ينشئ الحكم في مواضع الاجتهاد بحسب ما يقتضيه الدليل عنده أو عند إمامه الذي قلده إلى قوله [ ص: 105 ] وهو كتاب جليل في هذا المعنى ) قلت ما قاله من أن الحاكم منشئ للحكم وأن المفتي مخبر بالحكم كالمترجم صحيح وما قاله من أن الحاكم مع الله تعالى كنائب الحاكم معه يحكم بغير ما تقدم الحكم فيه من جهة مستنيبه بل ينشئ بحسب ما يقتضيه رأيه كلام يوهم بحسب التشبيه أن الحاكم يحكم بغير ما هو حكم الله تعالى وليس ذلك بصحيح ولا هو مراده بل لفظه لم يساعده على المراد على الوجه المختار ومراده على الجملة أن المفتي ناقل ومخبر ومعرف بالحكم والحاكم ليس كذلك بل هو ملزم للحكم ومنفذ له وذلك بين والله تعالى أعلم .
قال ( وإذا كان معنى حكم الحاكم في مسائل الاجتهاد إنشاء الحكم فهو مخبر عن الله تعالى بذلك الحكم ) قلت ما قاله هنا من أن الحاكم مخبر عن الله بذلك الحكم ليس بصحيح فإن الحاكم ليس بمخبر بالحكم بل هو ملزم للحكم وقوله هذا نقيض لقوله آنفا إن الحاكم منشئ لحكم الإلزام فيما يلزم وأن المفتي مخبر فسبحان الله العظيم ما أسرع ما نسي .
قال ( والله تعالى قد جعل له أن ما حكم به فهو حكمه ) قلت أما على قول من يقول بتصويب المجتهدين فقوله ذلك صحيح وأما على قول من لا يصوب فليس ذلك بصحيح بل ربما صادف حكم الله تعالى فيكون حكمه حكم الله تعالى وربما لم يصادف حكمه حكم الله تعالى فلا يكون حكمه حكمه لكنه معذور ومأجور والله أعلم .
قال ( وهو كالنص الوارد من قبل الله تعالى في خصوص تلك الواقعة فيصير الحال إلى تعارض الخاص والعام فيقدم الخاص على العام على القاعدة في أصول الفقه ) قلت إن أراد أنه من باب الخاص والعام المتعارضين على التحقيق فليس كذلك وإن أراد أنه يشبه العام والخاص المتعارضين بوجه ما فذلك صحيح .
قال ( وتقريبه بالمثال أن nindex.php?page=showalam&ids=16867مالكا رحمه الله تعالى دل الدليل عنده على أن تعليق الطلاق قبل الملك يلزم إلى قوله [ ص: 106 ] جمعا بين نصي الخاص والعام ) قلت هو مثال صحيح غير أنه إن أراد أنه من الخاص والعام حقيقة فليس الأمر كذلك وإن أراد أنه يشبهه بوجه ما فذلك صحيح .
قال ( ومن فهم الفرق بين المفتي والحاكم وإن حكم الحاكم نص من الله تعالى خاص في تلك الصورة المعينة لم يسعه إلا ما قال nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك والجمهور ولكن لما كان الفرق بينهما خفيا جدا حتى أني لم أجد أحدا يحققه خالف في ذلك من خالف ولم يوجب تنفيذ أقضية الحكام في مواقع الخلاف إلى آخر كلامه في الفرق ) قلت قد سبق أنه إن أراد أنه خاص وعام تعارضا حقيقة فليس كذلك وإن أراد أنه يشبه العام والخاص من وجه ما فهو كذلك قلت وما قاله من أن الفرق بين المفتي والحاكم خفي جدا ليس كما قال وكذلك ما قاله من أن حكم الحاكم نص من الله تعالى في القضية المعينة فليس كما قال بل منع الله تعالى من نقض أحكام المجتهدين لما في ذلك من المفسدة والله تعالى أعلم ، وما قاله في الفرق الثامن والسبعين صحيح وكذلك ما قال في الفرق التاسع والسبعين إلا ما ذكره في آخره مما أحال فيه على الفرق بين تحريم المشترك وثبوت الحكم في المشترك فإنه قد تقدم ما فيه وكذلك ما بعده من الفروق إلى الفرق الثالث والثمانين إلا ما قال في الفرق الثاني والثمانين من نسبة قول النبي صلى الله عليه وسلم أصليت بأصحابك وأنت جنب لحسان فإنه إنما كان nindex.php?page=showalam&ids=56لعمار
حاشية ابن حسين المكي المالكي
( الفرق السابع والسبعون بين قاعدة الخلاف يتقرر في مسائل الاجتهاد قبل حكم الحاكم وبين قاعدة مسائل الاجتهاد يبطل الخلاف فيها ويتعين قول واحد بعد حكم الحاكم وهو ما حكم به الحاكم على الأوضاع الشرعية ) بمعنى أن المفتي المخالف إذا استفتى في عين تلك المسألة التي وقع الحكم فيها لا تسوغ له الفتوى فيها بعينها لأنه قد نفذ فيها الحكم بقوله قائل ومضى العمل بها أما إذا استفتى في مثل تلك المسألة قبل أن يقع الحكم فيها فإنه يفتي بمذهبه على أصله فالخلاف إنما يبطل بالنظر إلى المسألة المعينة خاصة مثلا وقف المشاع إذا حكم حاكم بصحته ثم رفعت الواقعة عينها لمن لا يرى صحته وكان يفتي ببطلانه فهو لا يرده ولا ينقضه ونكاح من قال لها إن تزوجتك فأنت طالق إذا حكم حاكم بصحته ثم رفعت مسألته عينها لمن كان يرى لزوم الطلاق له كان عليه أن لا يرد هذا النكاح ولا ينقضه هذا هو مذهب الجمهور وهو مذهب nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك رحمه الله تعالى ولذلك وقع له في كتاب الزكاة وغيره أن حكم الحاكم في مسائل الاجتهاد لا يرد ولا ينقض وأفتى nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك في الساعي الشافعي إذا أخذ من الأربعين شاة لرجلين خليطين في الغنم شاة بأنهما يقتسمانها بينهما ولا يختص بها من أخذت منه كما قاله nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي وأبطل ما كان يفتي به ويعتقده من أن الشاة تكون مظلمة ممن أخذت منه معللا بأنه قد حكم الحاكم بخلافه فلا يتعرض لحكمه برد ولا نقض ووقع له ذلك في عدة مسائل في العقود والفسوخ وإن صلاة الجماعة إذا حكم الإمام فيها لا تصلى إلا بإذن من الإمام وغير ذلك بل قال في جمع الجوامع لا ينقض الحكم في الاجتهاديات وفاقا قال المحلي لا من الحاكم به ولا من غيره بأن اختلف الاجتهاد ا هـ .
لكن قال الأصل ووقع للشافعية في كتبهم عن بعض أصحابهم أن الحكم إذا رفع لمن لا يعتقده لا ينفذه أي لا يقره على حكم ذلك الحاكم بل يمكن من الخصومة فيه على خلاف ما عليه الجمهور nindex.php?page=showalam&ids=16867ومالك من أنه يقره على حكم ذلك الحاكم .
ولا [ ص: 115 ] ينقضه بل يزجر عن الخصومة فيه نظرا لوجهين هما سر الفرق بين القاعدتين المذكورتين أحدهما أنه لولا ذلك لما استقرت للحكام قاعدة ولبقيت الخصومات على حالها بعد الحكم وذلك يوجب دوام التشاجر والتنازع وانتشار الفساد ودوام العناد وهو مناف للحكمة التي لأجلها نصب الحكام وعلى هذا الوجه اقتصر المحلي حيث قال إذ لو جاز نقضه لجاز نقض النقض وهلم فتفوت مصلحة نصب الحاكم من فصل الحكومات وثانيهما أن الله تعالى جعل للحاكم أن ينشئ الحكم في مواضع الاجتهاد بحسب ما يقتضي الدليل عنده أو عند إمامه الذي قلده فهو منشئ لحكم الإلزام فيما يلزم والإباحة فيما يباح كالقضاء بأن الموات الذي ذهب إحياؤه صار مباحا مطلقا كما كان قبل الإحياء والإنشاء بمعنى أنه منفذ لحكم الله تعالى على وجه الإلزام بل إن الله تعالى قد جعل له أن ما حكم به فهو إما نفس حكمه تعالى بناء على القول بتصويب المجتهدين وإما أنه كالنص الوارد من قبل الله تعالى في خصوص تلك الواقعة من جهة منعه تعالى من نقض أحكام المجتهدين لما في ذلك من المفسدة بناء على القول بعدم التصويب فيئول الحال فيها إلى ما يشبه تعارض الخاص والعام بوجه ما فيقدم الخاص على القاعدة في أصول الفقه مثلا دل الدليل عند nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك رحمه الله تعالى على أن تعليق الطلاق قبل ملك العصمة يلزم وهذا الدليل يشمل صورا لا نهاية لها فإذا رفعت صورة من تلك الصور إلى حاكم شافعي وحكم بصحة النكاح واستمرار العصمة وإبطال الطلاق المعلق على ذلك النكاح كان حكم nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي كالنص من الله تعالى الوارد من خصوص تلك الصورة من الجهة المذكورة فيكون الحال في هذه الصورة بمنزلة ما لو قال الله تعالى التعليق قبل الملك لازم وقال التعليق قبل الملك في حق هذه المرأة غير لازم والعصمة فيها تستمر فقلنا هذان نصان خاص وعام فنقدم الخاص على العام على القاعدة الأصولية فكما أن nindex.php?page=showalam&ids=16867مالكا رحمه الله تعالى يقول فيما لو قال الله تعالى اقتلوا المشركين .
وقال لا تقتلوا الرهبان إنا نقتل المشركين ونترك الرهبان جمعا بين نصي الخاص والعام كذلك يقول nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك رحمه الله تعالى هنا أعمل هذا الحكم في هذه الصورة فتبقى بقية الصورة عندي يصح فيها التعليق قبل النكاح جمعا بين ما هو كنصي الخاص والعام ولي المفتي كالحاكم فيما ذكر بل هو ناقل ومخبر ومعرف بالحكم انظر كتاب الإحكام في الفرق بين الفتاوى والأحكام للأصل والله سبحانه وتعالى أعلم ( تنبيه ) الشرط في كون حكم الاجتهاديات لا ينقض أن [ ص: 116 ] يكون ما حكم به على الأوضاع الشرعية كما علمت وإلا نقض قال في جمع الجوامع وشرحه للمحلي .
( فإن خالف ) الحكم ( نصا أو ظاهرا جليا ولو قياسا ) وهو القياس الجلي نقض لمخالفته للدليل المذكور قال في الأشباه وما ذكرناه من النقض عند مخالفة القياس الجلي ذكره الفقهاء وعزاه الغزالي في المستصفى إليهم ثم قال فإن أرادوا به ما هو في معنى الأصل مما نقطع به فهو صحيح وإن أرادوا به قياسا مظنونا مع كونه جليا فلا وجه إذ لا فرق بين ظن وظن ا هـ .
( أو حكم ) حاكم ( بخلاف اجتهاده ) قلد غيره فيه أو لا نقض حكمه لمخالفته لاجتهاده وامتناع تقليده فيما اجتهد فيه ( أو حكم ) حاكم ( بخلاف نص إمامه غير مقلد غيره ) من الأئمة ( حيث يجوز ) لمقلد إمام تقليد غيره بأن لم يقلد في حكمه أحدا لاستقلاله فيه برأيه أو قلد فيه غير إمامه حيث يمتنع تقليده ( نقض ) حكمه لمخالفته لنص إمامه الذي هو في حقه لالتزامه تقليده كالدليل في حق المجتهد أما إذا قلد في حكمه غير إمامه حيث يجوز تقليده فلا ينقض حكمه لأنه لعدالته إنما حكم به لرجحانه عنده ا هـ .
بزيادة من حاشية العطار قال العطار قال الإسنوي في التمهيد نقلا عن الغزالي إذا تولى مقلد للضرورة فحكم بمذهب غير مقلده فإن قلنا لا يجوز للمقلد تقليد من شاء بل عليه إتباع مقلده نقض حكمه وإن قلنا له تقليد من شاء لم ينقض ا هـ .
ونقل ابن الرفعة في الكفاية أن الدامغاني قاضي بغداد الحنفي في أيام المعتضد ولى nindex.php?page=showalam&ids=13216ابن سريج القضاء وشرط عليه أن لا يحكم إلا بمذهب nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة فالتزم ذلك ا هـ والمراد بالنص ما يقابل الظاهر فيدخل فيه الإجماع القطعي وفي الظاهر الظني ومحل ذلك في النص الموجود قبل الاجتهاد فإن حدث بعده وهو إنما يتصور في عصره صلى الله عليه وسلم لم ينقض صرح به الماوردي وهو ظاهر ويقاس بالنص الإجماع والقياس ا هـ زكريا والله أعلم .