واعلم أن السلب عند nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك رحمه الله إنما يستحق بقول الإمام من قتل قتيلا فله سلبه وأنه لا يستحق بمجرد القتل وقاله nindex.php?page=showalam&ids=11990أبو حنيفة رحمه الله وقال nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي nindex.php?page=showalam&ids=12251وابن حنبل رضي الله عنهما يستحق بمجرد القتل وأنه يستحق بفتيا رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذلك لا بتصرفه بطريق الإمامة وقد تقدم في الفرق بين تصرفاته صلى الله عليه وسلم أن ما وقع منها على [ ص: 8 ] أنه بالإمامة لا بد فيه من إذن الإمام وما وقع منها بتصرفه صلى الله عليه وسلم بطريق القضاء لا بد فيه من قضاء القاضي وما وقع منها بطريق الفتيا والتبليغ يستحق بدون قضاء قاض وإذن إمام قال nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك رحمه الله في المدونة لم يبلغني أن السلب كان للقاتل إلا يوم حنين وهو موكول إلى اجتهاد الإمام فإن قلنا إنه من باب التبليغ والفتيا فقد حصل السلب من باب آخر غير تصرفات الأئمة فلا يحتاج إلى الفرق كما قاله nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي رضي الله عنه فليس للإمام نزعه ممن وجد في حوزه بشرطه لأن القتل حينئذ سبب الاستحقاق فلا يجوز للإمام أن يأخذ ما هو مستحق بسببه وإن قلنا إنه من باب تصرفات الأئمة كما قاله nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك رحمه الله فللإمام نزعه ممن وجد معه لأن سبب استحقاقه تصرف الإمام ولم يوجد فبقي من الغنيمة .
وأما الإقطاع فإنه يجوز بغير سبب يوجب استحقاقه وتمليكه وإنما هو إعانة على أحوال تقع في مستقبل الزمان وليس تمليكا حقيقيا فلذلك كان للإمام نزعه في أي وقت شاء وتبديله بغيره بخلاف السلب وإنما ساوى السلب ما حازه الأجناد والأمراء من إقطاعاتهم من خراج وغيره فإنه لا يجوز للإمام نزعه منهم لتقرر ملكهم عليه .
وأما السلب فقبل حصول سببه لا يكون للقاتل به تعلق ألبتة وبعد حصول سببه يصير مملوكا بالكلية فالحالة المتوسطة القابلة للانتزاع لا تحصل للسلب ألبتة والإقطاع يحصل لها هذه الحالة المتوسطة القابلة للانتزاع وإبداله بغيره ويدل على صحة قول nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي nindex.php?page=showalam&ids=12251وابن حنبل رحمهما الله أنه من باب الفتيا والتبليغ أنه الغالب على تصرفاته صلى الله عليه وسلم لأنه صلى الله عليه وسلم رسول وهذا شأن الرسالة أعني التبليغ ، وحمل تصرفاته صلى الله عليه وسلم على الغالب طريق حسن وهو مستند nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك رحمه الله في حمل قوله عليه الصلاة والسلام { nindex.php?page=hadith&LINKID=35355من أحيا أرضا ميتة فهي له } وقال إذن الإمام ليس شرطا في الملك بالإحياء nindex.php?page=showalam&ids=11990وأبو حنيفة رحمه الله مشى على قاعدته فيهما وجعلهما من باب التصرف بالإمامة .
وأما nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك رحمه الله فقد نقض أصله nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي رضي الله عنه مشى على أصله في الحمل على الغالب في الفتيا دون الإمامة وسبب نقض مالك لأصله أمور أحدها أن أصل الغنيمة مستحق للغانمين لقوله تعالى { واعلموا أنما غنمتم من شيء فأن لله خمسه } ومفهومه أن الأربعة الأخماس للغانمين كما قال تعالى { وورثه أبواه فلأمه الثلث } معناه والثلثان للأب ولما كان ذكر الضد المقابل يدل على مقابله اكتفى بذكره عن ذكره في الآيتين ولما كانت الأربعة الأخماس مستحقة للغانمين فلو جعلنا قوله صلى الله عليه وسلم { nindex.php?page=hadith&LINKID=37018من قتل قتيلا فله سلبه } فتيا لكان ذلك أبلغ في منافاة الظاهر المتقدم مما إذا جعلناه من باب التصرف بالإمامة وأنه لا يستحق حتى [ ص: 9 ]
يقول الإمام تلك المقالة فإن التوقف على شرط أبعد عن التخصيص من الإخراج بغير شرط فكان تقليل التخصيص وإبعاده أولى وثانيها أنه يؤدي إلى إفساد النيات وأن يقاتل الإنسان من عليه سلب طمعا في سلبه لا نصرة لدين الله تعالى وربما أوقع ذلك خللا عظيما في الجيش فكان ذلك سببا للهزيمة واستئصال المسلمين بأن يكون الشجعان قليلين في التزين واللباس والعجزة والجبناء هم المتحصنون بأنواع الأسلحة فيشتغل الناس بهم عن الشجعان رغبة في لباسهم فيستولي شجعان الأعداء على أبطال المسلمين وجيشهم فيهلكون ثم إنه يؤدي إلى ضياع ثواب الآخرة وهو أعظم المفاسد بل العقاب الأليم بسبب المقاصد الردية .
وهذا بعيد عن قواعد الدين فلا يستكثر منه فإذا جعل ذلك موقوفا على قول الإمام اندفعت هذه المفاسد بسبب أنه إنما يتصرف بحسب المصلحة فإذا كان القوم الذين في الجيش بعيدين عن ذلك القول وإلا لم يقل فتدفع المفاسد وإنما يأتي إذا جعلناه فتيا عامة في جميع الأحوال كما قاله nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي رضي الله عنه وثالثها أن ظاهر القرآن متواتر مقطوع به والحديث خبر واحد وليس أخص من الآية حتى يخصصها لتناول لفظ الآية وهو قوله تعالى ما غنمتم الغنيمة في الجهاد وغيره وهو مقتضى اللفظ لغة الغنيمة صادقة لغة عن الغارات المحرمة ونحوها وقوله عليه الصلاة والسلام { nindex.php?page=hadith&LINKID=37018من قتل قتيلا فله سلبه } يتناول لغة الغنيمة وغيرها حتى لو قتله غيلة في بيته تناوله اللفظ غير أن الإجماع منعقد على تخصيصه بالجهاد المأمور به فحينئذ كل واحد منهما أعم من الآخر وأخص من وجه والتخصيص والعموم إنما يكون بحسب ما يقتضيه اللفظ لغة والعام والخاص من وجه لا يخص أحدهما الآخر لحصول التعارض فيصار للترجيح ولفظ القرآن متواتر فيكون أرجح فيقدم على الخبر بحسب الإمكان وقد أجمعنا على أن الإمام إذا قال ذلك يستحق فيبقى فيما عداه على مقتضى الأصل ورابعها أن nindex.php?page=showalam&ids=1أبا بكر الصديق وعمر رضي الله عنهما تركا ذلك في خلافتهما ولو كان ذلك فتيا لما تركاها بل علما أن ذلك تصرف بطريق الإمامة بحسب المصلحة .
ولم يريا أن المصلحة حينئذ تقتضي ذلك فلم يقولا به فهذه وجوه ظاهرة فيما قاله nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك رحمه الله تعالى وأنها موجبة لأن يخالف أصله لها
[ ص: 9 - 10 ] حاشية ابن حسين المكي المالكي
( الفرق السادس عشر والمائة بين قاعدة استحقاق السلب في الجهاد وبين قاعدة الإقطاع وغيره من تصرفات الأئمة وإن كان الجميع من تصرفات الإمام وليس بإجارة )
وهو أن الإقطاع يجوز بغير سبب يوجب استحقاقه وتمليكه فله في التمليك حالة متوسطة هي الإعانة على أحوال تقع في مستقبل الزمان لا تمليك حقيقي فلذلك كان للإمام نزعه في أي وقت شاء وله تبديله بغيره .
وأما السلب فلا يجوز بغير سبب يوجب استحقاقه وتمليكه فقبل حصول سببه لا يكون للقائل به تعلق [ ص: 19 ] ألبتة وبعد حصول سببه يصير مملوكا فلا تحصل له في التمليك الحالة المتوسطة القابلة للانتزاع والإبدال بغيره ألبتة فهو نظير ما حازه الأجناد والأمراء من إقطاعاتهم من خراج أو غيره لتقرر ملكهم عليه نعم وقع في سببه خلاف بين الأئمة الأربعة فعند nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك nindex.php?page=showalam&ids=11990وأبي حنيفة رحمهما الله تعالى إنما يستحق بقول الإمام من قتل قتيلا فله سلبه لا بمجرد القتل وعند nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي nindex.php?page=showalam&ids=12251وابن حنبل رحمهما الله تعالى يستحق بمجرد القتل وسبب اختلافهم ما تقدم في الفرق بين تصرفاته صلى الله عليه وسلم من أن ما وقع منها على أنه بالأمانة لا بد فيه من إذن الإمام وما وقع منها بتصرفه صلى الله عليه وسلم بطريق القضاء لا بد فيه من قضاء القاضي وما وقع منها بطريق الفتيا والتبليغ يستحق بدون قضاء قاض وإذن إمام ، فمستند قول nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي nindex.php?page=showalam&ids=12251وابن حنبل أنه يستحق بفتيا رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذلك لا بتصرفه بطريق الإمامة فهو من باب التبليغ لأنه الغالب على تصرفاته صلى الله عليه وسلم لأنه صلى الله عليه وسلم رسول والتبليغ شأن الرسالة وحمل تصرفاته صلى الله عليه وسلم على الغالب طريق حسن وبذلك استندا nindex.php?page=showalam&ids=16867كمالك في حمل قوله عليه الصلاة والسلام { nindex.php?page=hadith&LINKID=35355من أحيا أرضا ميتة فهي له } وقالوا إذن الإمام ليس شرطا في الملك بالإحياء ومشى nindex.php?page=showalam&ids=11990أبو حنيفة رحمه الله تعالى في السلب والإحياء على قاعدته فجعلهما من باب التصرف بالإمامة وأما nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك رحمه الله تعالى فهو وإن مشى في الإحياء على أصله في الحمل على الغالب في الفتيا والتبليغ دون الإمامة إلا أنه خالف في السلب أصله المذكور فجعله من باب التصرف بالإمامة بسبب أمور
( أحدهما ) أن حمل قوله صلى الله عليه وسلم { nindex.php?page=hadith&LINKID=37018من قتل قتيلا فله سلبه } على التصرف بالإمامة وأنه لا يستحق حتى يقول الإمام تلك المقالة أبلغ وأولى من حمله على الفتيا والتبليغ وأنه يستحق بمجرد القتل في منافاته لظاهر قوله تعالى { واعلموا أنما غنمتم من شيء فأن لله خمسه } فإن المفهوم منه أن الأربعة الأخماس للغانمين كما أن المفهوم من قوله تعالى { وورثه [ ص: 20 ] أبواه فلأمه الثلث } أن الثلثين للأب فاكتفى بذكر الضد المقابل عن ذكره في الآيتين بسبب أن ذكر الضد المقابل يدل على مقابلة ووجه الأبلغية أن التوقف على شرط كما في الحمل على باب التصرف بالإمامة أبعد عن التخصيص من الإخراج بغير شرط كما في الحمل على باب الفتيا والتبليغ وما كان أبعد عن التخصيص فهو أبلغ وأولى
( وثانيهما ) أن حمل الحديث المذكور على الفتيا والتبليغ وإن كان حملا على الغالب على تصرفاته صلى الله عليه وسلم كما علمت إلا أنه من حيث إنه يؤدي إلى مفسدتين عظيمتين يكون بعيدا عن قواعد الدين أحدهما إفساد النيات وأن يقاتل الإنسان من عليه سلب طمعا في سلبه لا نصرة لدين الله تعالى وربما أوقع ذلك خللا عظيما في الجيش فيما إذا كان العجزة والجبناء هم المتزينون باللباس والمتحصنون بأنواع الأسلحة دون الشجعان فيشتغل الناس بالجبناء عن الشجعان رغبة في لباسهم وأسلحتهم فيستولي شجعان الأعداء على أبطال المسلمين وجيشهم فيهلكون
( والمفسدة الثانية ) ضياع ثواب الآخرة واكتساب العقاب الأليم بسبب المقاصد الرديئة وأما إذا حمل على التصرف بالإمامة وصار موقوفا على قول الإمام فلا مفسدة لأن الإمام إنما يقول ذلك بحسب المصلحة وثالثها إن بين لفظ حديث { nindex.php?page=hadith&LINKID=37018من قتل قتيلا فله سلبه } ولفظ ما غنمتم في الآية عموما وخصوصا من وجه بسبب أن الأول يتناول لغة الغنيمة وغيرها كما لو قتله غيلة في بيته والثاني يتناول الغنيمة الصادقة لغة حتى على الغارات المحرمة ونحوها غير أن الإجماع انعقد على تخصيصها بالجهاد المأمور به والخصوص والعموم إنما يكون بحسب ما يتناوله اللفظ لغة والعام والخاص من وجه لا يخصص أحدهما الآخر لحصول التعارض فيصار للترجيح ولفظ القرآن متواتر فيكون أرجح فيقدم على الخبر بحسب الإمكان وقد أجمعنا على أن الإمام إذا قال ذلك يستحق فيبقى فيما عداه على مقتضى الأصل
( ورابعها ) أن الحديث المذكور لو كان فتيا لانصرفا بطريق الإمامة لما تركها nindex.php?page=showalam&ids=1أبو بكر الصديق وعمر [ ص: 21 ] رضي الله تعالى عنهما في خلافتهما لكنهما تركاها علما منهما أن ذلك تصرف بطريق الإمامة بحسب المصلحة ولم يريا أن المصلحة حينئذ تقتضي ذلك فلم يقولا به فهذه وجوه ظاهرة فيما قاله nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك رحمه الله تعالى وموجبة لأن يخالف أصله لها والله سبحانه وتعالى أعلم .