قال ابن يونس أنكحتهم عندنا فاسدة وإنما الإسلام يصححها وقال صاحب الجواهر لا يقرهم على ما هو فاسد عندهم إلا أن يكون صحيحا عندنا ولو اعتقدوا غصب امرأة أو رضاها بالإقامة مع الرجل بغير عقد أقررناهم عليه قاله nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي رضي الله عنه ترغيبا في الإسلام كما سقط عنهم القصاص والغصوب وما جنوه على المسلمين في نفوسهم وأموالهم وأعراضهم ويثبت ما اكتسبوه بعقود الربا وغيره من ثمن الخمر والخنزير كل ذلك ترغيبا في الإسلام لأنهم لو فهموا [ ص: 133 ] المؤاخذة بذلك لنفروا عن الإسلام وضابط مذهب nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك رحمه الله أن كل مفسدة تدوم كالجمع بين الأختين أو لا تدوم لكن أدركه الإسلام كالزواج في العدة فيسلم فيها فهو يبطل وإن عرى نكاحهم عن هذين القسمين صح بالإسلام وقال nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي nindex.php?page=showalam&ids=12251وابن حنبل رضي الله عنهما عقودهم صحيحة واعلم أن قولنا أيها المالكية إن أنكحتهم فاسدة مشكل فإن ولاية الكافر للكافر صحيحة والشهادة عندنا ليست شرطا في العقد حتى نقول لا تصح شهادتهم لكفرهم فلو قلنا إنها شرط فأشهد أهل الذمة المسلمين ينبغي أن تصح والمسلم إذا تزوج بغير شهود له أن يشهد بعد العقد ويستقر عقده فينبغي التفصيل في عقودهم بين ما يكون مختل الشرط وبين ما لا يكون كذلك .
وأما الفضاء بالبطلان مطلقا فمشكل غاية ما في الباب أن صداقهم قد يقع بما لا يحل من الخمر والخنزير وقد يقع ذلك للمسلمين فتختل بعض الشروط أو كلها في بعض العقود فكما لا نقضي بفساد أنكحة عوام المسلمين وجهالهم من أهل البادية على الإطلاق بل نفصل ونقول ما صادف الأوضاع الشرعية واجتمعت شرائطه فهو صحيح سواء أسلموا أم لا وما لم يصادف فهو باطل قبل الإسلام وقد يصح بالإسلام كما نقدم رضاهم بالغصب ونحوه ترغيبا في الإسلام وعلى هذا القانون كان ينبغي أن لا يخير بين الأم وابنتها إذا أسلم عليهما بل يقول إن تقدم عقد البنت صحيحا تعينت من غير تخيير وإذا أسلم على عشر نسوة لا نقضي بالتخيير مطلقا بل نفرق كما قال nindex.php?page=showalam&ids=11990أبو حنيفة إن وقع منها أربع أولا على وجه الصحة تعينت دون ما بعدها وإن عقد على العشر جملة واحدة خير بينهن لشمول البطلان لهن وكان يليق إذا حكمنا بفسادها مطلقا أن لا نفرق بين الموانع الماضية وما بقي بعد الإسلام لأن الكل فاسد إن كان المقصود هو الترغيب في الإسلام بسبب تقرير فاسد عقودهم لأن الزواج في العقد لا يزيد على قتل النفس في المفسدة وإن كان السبب أن الإسلام ينزل منزلة تجديد العقد فناسب التفرقة بين الماضي من الموانع والمقارن وينبغي إذا وطء في الكفر في نكاح صحيح مجتمع الشروط أن ذلك يوجب الإحصان إذا اتصل به الإسلام قال قلت { nindex.php?page=hadith&LINKID=87399قوله صلى الله عليه وسلم لغيلان لما أسلم عن عشر نسوة اختر أربعا وفارق سائرهن } . وفي nindex.php?page=showalam&ids=11998أبي داود { nindex.php?page=hadith&LINKID=87400قال أنس بن الحارث أسلمت [ ص: 134 ] وتحتي ثمان نسوة فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم فقلت له ذلك فقال اختر أربعا منهن فهذه }
الأحاديث تقتضي أن عقودهن فاسدة إذ لو كانت صحيحة لكان السابق هو الصحيح والمتأخر هو المتعين للفساد الخامسة فما زاد عليها وكان الاختيار لا يكون إلا إذ عقد عقدا واحدا حتى لا يكون البعض أولى بالبقاء دون البعض الآخر لكن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما خير مطلقا دل على أن الحكم كذلك سواء تقدم بعض العقود أو اتحدت العقود لأن هذه الأحاديث وردت في تأسيس قاعدة وتقرير أصل عام في الناس إلى يوم القيامة فلو كان يختلف الحال فيه لبينه صلى الله عليه وإلا لزم تأخير البيان عن وقت الحاجة وهذا مستند ظاهر في فساد عقودهن وأن الأوائل في حكم الأواخر على السوية والأواخر المتأخرات العقود فاسدة العقود فكذلك الأوائل قلت إطلاق الخيار في هذه الأحاديث يحتمل وجهين أحدها أن تكون الأنكحة فاسدة كما قلت والثاني أن تكون المفسدات الواقعة في الكفر لا تعتبر كما تقدم من مذهبنا أنهم لو اعتقدوا غصب المرأة ومجرد رضاها بغير عقد ثم أسلموا على ذلك أقررناهم عليه فإن الإسلام يمنع من تأثير المفسدات المتقدمة من هذا النحو فهكذا كونها خامسة ونحو ذلك مفسدة في الإسلام وإذا قارن الكفر اعتبره صاحب الشرع ترغيبا في الإسلام وإذا احتمل الأمرين لم يلزم ما ذكرته من فساد العقول بل ذلك يدل على التخيير فقط وهذا مجمل فيما ذكرته من الفساد والصحة .
وهذا جواب سديد وهو خير من قول جماعة من الفقهاء لعل رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يعلم أنه عقد عليهن عقدا واحدا فلذلك خيره أو وكان يعتقد أنهن عنده بطريق الغصب والتقرير على الزوجية بالغصب لأن ذلك كان مذهبا لهم فإن هذا فاسد لوجهين
( أحدهما ) أن الأصل عدم علمه عليه السلام
( الثاني ) لو كان الأمر كذلك لبينه عليه السلام لأنه تقرير قاعدة فيتعين إيضاحها وإزالة اللبس عنها وزوال كل ما يوجب وهما فيها ولما لم يبين عليه السلام أني إنما حكمت في هذه القضية بهذا الحكم لأني أعلم أن من أمرها أمرا يقتضي هذه للحكم علمنا أن المدرك غير علمه بأمر يخصها بل الحكم عام في جميع صور من يسلم كيف كانت عقوده وهو معنى قول nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي رضي الله عنه ترك الاستفصال في حكايات الأحوال يقوم مقام العموم في [ ص: 135 ] المقال معناه يقوم مقام التصريح بأن جميع الصور حكمها كذلك وإذا ظهر هذا الجواب ظهر أن الحق الأبلج القضاء على عقودهم بالصحة حتى يعلم فسادها كالمسلمين فإنه لم يدل دليل على أن الكفر مانع من عقد النكاح وقادح في صحته ولو أن امرأة كافرة لها أخوان كافر ومؤمن فأرادت الزواج منعنا المسلم من تزويجهما وقلنا لأخيها الكافر زوجها لأن المسلم لا ولاية له على الكافرة بل الكفار بعضهم أولى ببعض ولو أن نكاح الكافر فاسد لقلنا لهذه الكافرة لا سبيل لك إلى الزواج حتى تسلمي لأن الكفر أحد موانع صحة العقد عليك ولما لم يكن كذلك دل على صحة عقودهم .
حاشية ابن حسين المكي المالكي
( الفرق الثاني والخمسون والمائة بين قاعدة ما يقر من أنكحة الكفار وقاعدة ما لا يقر منها )
في بداية المجتهد لابن رشد الحفيد اتفق الفقهاء على أن الإسلام إذا كان من الزوج والزوجة وقد كان انعقد النكاح على من يصح ابتداء العقد عليها في الإسلام أن الإسلام يصحح ذلك واختلفوا فيما إذا انعقد النكاح على أكثر من أربع كعشر أو خمس أو على من لا يجوز الجمع بينهما في الإسلام كالأختين فقال nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي nindex.php?page=showalam&ids=12251وأحمد nindex.php?page=showalam&ids=15858وداود يختار منهن أربعا ومن الأختين واحدة أيتهما شاء وقال nindex.php?page=showalam&ids=11990أبو حنيفة nindex.php?page=showalam&ids=16004والثوري nindex.php?page=showalam&ids=16330وابن أبي ليلى يختار الأوائل منهم في العقد فإن تزوجهن في عقد واحد فرق بينه وبينهن وقال ابن الماجشون من أصحاب nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك إذا أسلم وعنده أختان فارقهما جميعا ثم استأنف نكاح أيتهما شاء لم يقل بذلك أحد من أصحاب nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك غيره وسبب اختلافهم معارضة القياس للأثر وذلك أنه ورد في ذلك أثران
بتصرف ووجه الضعف يتضح مما سيأتي فتنبه واختلف القائلون بأنه يختار أربعا من العشرة مطلقا وأي واحدة شاء [ ص: 167 ] من الأختين في وجهه فقال nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي nindex.php?page=showalam&ids=12251وابن حنبل لأنا نحمل عقودهم على الصحة مطلقا ترغيبا لهم في الإسلام كما سقط عنهم القصاص والغصوب وما جنوه على المسلمين في نفوسهم وأموالهم وأعراضهم ويثبت ما اكتسبوه بعقود الربا وغيره من الخمر والخنزير ترغيبا في الإسلام لأنهم لو فهموا المؤاخذة بذلك لنفروا عن الإسلام وقال ابن يونس من أصحابنا أنكحتهم عندهم فاسدة وإنما الإسلام يصححها أي بمعنى أن كل مفسدة تدوم كالجمع بين الأختين أو لا تدوم لكن أدركه الإسلام كالزواج في العدة فيسلم فيها أي في العدة فهو يبطل وإن عرى نكاحهم عن هذين القسمين صح بالإسلام وقال صاحب الجواهر من أصحابنا لا نقهرهم على ما هو فاسد عند هم إلا أن يكون صحيحا عندنا ولو اعتقدوا غصب امرأة أو رضاها بالإقامة مع الرجل بغير عقد أقررناهم . ا هـ
قال الأصل سلمه ابن الشاط والقضاء ببطلان أنكحتهم مطلقا مشكل من وجوه
( الوجه الأول ) ولاية الكافر للكافرة صحيحة والشهادة عندنا ليست شرطا في العقد حتى نقول لا تصح شهادتهم لكفرهم على أنا لو قلنا إنها شرط وأشهد أهل الذمة المسلمين ينبغي أن تصح والمسلم إذا تزوج بغير شهود له أن يشهد بعد العقد ويستقر عقده وإنما غاية ما في الباب أن صداقهم قد يقع بما لا يحل من الخمر وهذا قد يقع في أنكحة عوام المسلمين وجهالهم من أهل البادية بحيث تحمل بعض الشروط أو كلها فكما لا نقضي بفساد أنكحتهم على الإطلاق بل نفصل ونقول ما صادف الأوضاع الشرعية واجتمعت شرائطه فهو صحيح وإلا فلا كذلك كان ينبغي أن لا نقضي بفساد أنكحتهم على الإطلاق بل نفصل بالتفصيل المذكور بأن نقول بصحة ما صادف سواء أسلموا أم لا وما لم يصادف فهو باطل قبل الإسلام وقد يصح بالإسلام كما تقدم أن المذهب تقرير رضاهم بالغصب ونحوه ترغيبا في الإسلام
( الوجه الثاني ) أنه كان ينبغي على هذا القانون أن لا يخير بين الأم وابنتها إذا أسلم عليهما بل نقول إن تقدم عقد البنت صحيحا تعينت من غير تخيير وإذا أسلم على عشر نسوة لا نقضي بالتخبير مطلقا بل نفرق كما قال nindex.php?page=showalam&ids=11990أبو حنيفة إن وقع منها أربع أولا على وجه الصحة تعينت دون ما بعدها وإن عقد على العشرة جملة واحدة خير بينهن لشمول الطلاق لهن
( الوجه الثالث ) أنا إذا حكمنا بفساد أنكحتهم مطلقا كان يليق أن لا يفرق بين الموانع الماضية وما بقي [ ص: 168 ] بعد الإسلام لأن السبب في تقرير فاسد عقودهم إن كان هو الترغيب في الإسلام لم يكن هناك وجه للتفريق إذ لا يزيد الزواج في العدة على قتل النفس في المفسدة وإن كان هو أن الإسلام ينزل منزلة تجديد العقد كان هناك وجه للتفرقة بين الماضي من الموانع والمقارن إلا أنه كان ينبغي إذا وطئ في الكفر في نكاح صحيح مجتمع الشروط أن ذلك يوجب الإحصان إذا اتصل به الإسلام
( الوجه الرابع ) أن إطلاق الخيار في حديث غيلان المتقدم وفيما في nindex.php?page=showalam&ids=11998أبي داود عن { أنس بن الحارث أنه قال أسلمت وتحتي ثمان نسوة فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم فقلت له ذلك فقال اختر أربعا بعامتهن } كما يحتمل أن تكون الأنكحة فاسدة كما قلت كذلك يحتمل أن تكون المفسدات الواقعة في الكفر لا تعتبر كما تقدم من مذهبنا أنهم لو اعتقدوا غصب المرأة ومجرد رضاها بغير عقد ثم أسلموا على ذلك أقررناهم عليه فإن الإسلام يمنع تأثير المفسدات المتقدمة من هذا النحو فهكذا كونها خامسة مفسدة في الإسلام وإذا قارن الكفر اعتبره صاحب الشرع ترغيبا في الإسلام وإذا احتمل الأمرين لم يلزم ما ذكرته من فساد العقود بل ذلك يدل على التخيير فقط وهذا مجمل فيما ذكرته من الفساد والصحة والأصل عدم علمه صلى الله عليه وسلم بأن كلا من غيلان وأنس بن الحارث عقد عليهن عقدا واحدا أو أنهن عنده بطريق الغصب فأقره على الزوجية بالغصب لأن ذلك كان مذهبا لهم على أنه لو كان الأمر كذلك لبينه عليه السلام إني إنما حكمت في هذه القضية بهذا الحكم لأني أعلم من أمرها أمرا يقتضي هذا الحكم لأنه تقرير قاعدة فيتعين إيضاحها وإزالة اللبس عنها وزوال كل ما يوجب وهما فيها فلما لم يبين عليه السلام ذلك علمنا أن المدرك غير علمه بأمر يخصها بل الحكم عام في جميع صور من يسلم كيف كانت عقوده وهو معنى قول nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي رضي الله عنه ترك الاستفصال في حكايات الأحوال يقوم مقام العموم في المقال إذ معناه يقوم مقام التصريح بأن جميع الصور حكمها كذلك فظهر أن الحق الأبلج القضاء على عقودهم بالصحة حتى يعلم فسادها كالمسلمين فإنه لم يدل دليل على أن الكفر مانع من عقد النكاح وقادح في صحته إذ لو أن امرأة كافرة لها أخوان كافر ومؤمن فأرادت الزواج منعنا المسلم من تزويجها وقلنا لأخيها الكافر زوجها
لأن المسلم لا ولاية له على الكافرة بل الكفار بعضهم أولى ببعض فلو أن نكاح الكافر فاسد لقلنا لهذه الكافرة لا سبيل لك إلى الزواج حتى تسلمي لأن [ ص: 169 ] الكفر أحد موانع صحة العقد عليك فلما لم يكن كذلك دل على صحة عقودهم . ا هـ بتغيير وتوضيح والله سبحانه وتعالى أعلم .