اعلم أن nindex.php?page=showalam&ids=16867مالكا أوجب النفقة لأولاد الصلب والأبوين خاصة وأوجبها nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي لكل من هو بعض من الآباء والأمهات وإن علوا والأولاد وإن سفلوا لقوله تعالى { وبالوالدين إحسانا } ولقوله تعالى { وصاحبهما في الدنيا معروفا } وليس من الإحسان تركهما بالجوع والعري ولقوله عليه السلام في nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري يقول لك ولدك إلى من تكلني الحديث وأب الأب أب وأم الأم أم وابن الابن ابن وقال nindex.php?page=showalam&ids=11990أبو حنيفة رضي الله عنه تجب النفقة لكل ذي رحم محرم لقوله تعالى { وآت ذا القربى حقه } وأجمعنا على تخصيص من ليس بمحرم وبقي من عداه على العموم ولقوله تعالى { وأولو الأرحام بعضهم أولى ببعض } [ ص: 147 ] والجواب عما قاله nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي أولا أنا لا نسلم أن لفظ الأب والأم والابن يتناول غير الأدنين من هذه الفرق ويدل على ذلك أن الله تعالى فرض للأم الثلث ولم تسحقه الجدة وحجب الإخوة بالأب ولم يحجبهم بالجد وأن بنت الابن لها السدس مع بنت الصلب بخلاف بنت الصلب مع أختها فلو كانت هذه الألفاظ تتناول هذه الطبقات على اختلافها بطريق التواطؤ حقيقة لزم تعميم الحكم فيها كلها على السواء وإلا لزم ترك العمل بالدليل وهو خلاف الأصل فدل ذلك على أن اللفظ إنما يتناول هذه الطوائف بطريق المجاز والأصل عدم المجاز حتى يدل دليل عليه بل يجب التمسك بالحقيقة والاقتصار عليها حتى يدل دليل على غيرها ثم اللازم هنا الجمع بين الحقيقة والمجاز وهو مجاز مختلف فيه بين العلماء هل يجوز في لسان العرب أم لا ونحن المجاز المجمع عليه في لسان العرب لا نعدل باللفظ إليه إلا بدليل والحمل عليه من غير دليل خطأ قطعا فههنا بطريق الأولى لكونه ضعيفا من جهة أنه مجاز وأنه مختلف في جوازه لغة وهذا هو الفرق .
وهو فرق جلي جدا والجواب عما قاله nindex.php?page=showalam&ids=11990أبو حنيفة رضي الله عنه عن الأول أن الله تعالى إنما أمر بما هو حق لذوي القربى والنزاع في النفقة هل هي حق لهم أم لا فلا نسلم تناول اللفظ لها حينئذ فلا دليل [ ص: 148 ] في الآية والجواب عن الثاني أنه عام في ذوي الأرحام مطلق فيما هم فيه أولى فإن لفظ أولى نكرة في سياق الإثبات وذلك لا عموم فيه فنحمله على ولاية النكاح والمعاوضة والمناصرة المجمع عليها فإنهم أولى بنصر بعضهم بعضا والإحسان إلى بعضهم بعضا بالنصرة إجماعا وإذا أجمع على إعمال المطلق في صورة وأنها مرادة من النص سقط الاستدلال به إجماعا إذ لو عدي حكمه إلى صورة أخرى لكان عاما لا مطلقا والتقدير أنه مطلق وهذا خلف وكما يمتنع جعل العام مطلقا بغير دليل يمتنع جعل المطلق عاما بغير دليل فظهر من هذه الاستدلالات وهذه الأجوبة صحة مذهب nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك وتفضيله على غيره في هذه المسألة وظهر الفرق أيضا من خلال ذلك ظهورا بينا .
قلت ما قاله حكاية أقوال ومستندها ولا كلام في ذلك [ ص: 147 ] قال ( والجواب عما قاله nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي أولا أنا لا نسلم أن لفظ الأب والأم والابن يتناول غير الأدنين إلى قوله بل يجب التمسك بالحقيقة والاقتصار عليها حتى يدل دليل على غيرها ) قلت لا دليل له فيما استدل به على مراده من أن لفظ الأب وما معه لا يتناول غير الأدنين إلا مجازا لاحتمال أن يكون الأمر في تلك الألفاظ بعكس دعواه وذلك أن يكون يتناول الأدنين وغيرهم لكن وقع التجوز بقصرها على الأدنين فيحتاج إذ ذاك إلى قرينة تخصها بالأدنين أو إلى دليل يدل على أن هذا المجاز انتهى إلى أن صار عرفا .
قال ( ثم اللازم هنا الجمع بين الحقيقة والمجاز وهو مجاز مختلف فيه بين العلماء هل يجوز في لسان العرب أم لا إلى قوله وهذا هو الفرق وهو فرق جلي جدا ) قلت ما قاله مبني على دعوى أن تناول تلك الألفاظ لغير الأدنين مجاز وقد تبين احتمال عكس ذلك وما قاله من أن الجمع بين الحقيقة والمجاز مختلف فيه مسلم لكن لو سلم له أن تناول تلك الألفاظ لغير الأدنين مجاز وذلك غير مسلم وما قاله من الجواب عما قاله nindex.php?page=showalam&ids=11990أبو حنيفة مسلم صحيح [ ص: 148 ]
قال ( فظهر من هذه الاستدلالات وهذه الأجوبة صحة مذهب nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك وتفضيله على غيره في هذه المسألة وظهر الفرق أيضا من خلال ذلك ظهورا بينا ) قلت لم يظهر ما قاله لاحتمال أن تكون تلك الألفاظ تتناول غير الأدنين بالوضع الأصلي ووقع التجوز بقصرها على الأدنين والله أعلم .
حاشية ابن حسين المكي المالكي
( الفرق التاسع والخمسون والمائة بين قاعدة أولاد الصلب والأبوين الأدنين في إيجاب النفقة لهم خاصة وبين قاعدة غيرهم من القرابات )
لا تجب لهم النفقة عند nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك رحمه الله تعالى لا عند غيره من الأئمة فقد قال nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي nindex.php?page=showalam&ids=12251وأحمد رحمهما الله تعالى بإيجابها لكل من هو بعض من الآباء والأمهات وإن علوا والأولاد وإن سفلوا لقوله تعالى { وبالوالدين إحسانا } ومن الإحسان الإنفاق عليهما عند حاجتهما إذ ليس من الإحسان تركهما بالجوع والعري ولقوله تعالى { وصاحبهما في الدنيا معروفا } ومن المعروف قيام بكفايتهما ولقوله عليه الصلاة والسلام { nindex.php?page=hadith&LINKID=10889إن أطيب ما أكلتم من كسبكم وإن أولادكم من كسبكم } رواه أبو داود والترمذي وحسنه ولقوله عليه الصلاة والسلام في nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري يقول لك ولدك إلى من تكلني الحديث وأب الأب أب وأم الأم أم وابن الابن ابن قال الشيخ منصور بن إدريس الحنبلي في كشافه من المتن تجب عليه نفقة والديه وإن علوا ونفقة ولده وإن سفل لقوله تعالى { وعلى المولود له رزقهن وكسوتهن بالمعروف } ولأن الإنسان يجب عليه أن ينفق على نفسه وزوجته فكذا على بعضه وأصله ويجب عليه إكمال ما عجزوا عن إكمالها حتى ذوي الأرحام من والديه وإن علوا وولده وإن سفلوا ولو حجبه معسر بالمعروف من حلال إذا كانوا أي الأصول والفروع فقراء ا هـ محل الحاجة .
وقال nindex.php?page=showalam&ids=11990أبو حنيفة رحمه الله تعالى تجب النفقة لكل ذي رحم محرم لقوله تعالى { وآت ذا القربى حقه } وأجمعنا [ ص: 184 ] على تخصيص من ليس بمحرم وبقي من عداه على العموم ولقوله تعالى { وأولوا الأرحام بعضهم أولى ببعض } .
( وسبب ) الاختلاف ( أما أولا ) فهو أنهم بعد أن أجمعوا على أن نفقة الوالدين الفقيرين اللذين لا كسب لهما ولا مال واجب في مال الولد كما حكاه في كشاف القناع عن nindex.php?page=showalam&ids=12918ابن المنذر وكذا على أن نفقة الأولاد الفقراء الذين لا كسب لهم ولا مال واجب في مال الأب لما سبق اختلفوا في أن لفظ الأب والأم والابن فيما سبق من الأدلة هل تتناول غير الأدنين بالوضع الأصلي وحينئذ التجوز بقصرها عن الأدنين يحتاج إلى قرينة أو ما يدل على أن هذا المجاز انتهى إلى أن صار عرفا وإذا لم يتحقق ذلك وجب التمسك بالحقيقة والاقتصار عليها أو لا تتناول بالوضع الأصلي غير الأدنين بدليل أن الله تعالى فرض للأم الثلث ولم تستحقه الجدة وحجب الإخوة بالأب ولم يحجبهم بالجد وأن بنت الابن لها السدس مع بنت الصلب مع أختها فلو كانت هذه الألفاظ تتناول هذه الطبقات على اختلافها بطريق التواطؤ حقيقة لزم تعميم الحكم فيها كلها على السواء وإلا لزم ترك العمل بالدليل وهو خلاف الأصل فلم يبق إلا أن هذه الألفاظ إنما تتناول هذه الطوائف بطريق المجاز فيلزمه هنا الجمع بين الحقيقة والمجاز وهو مجاز مختلف فيه بين العلماء هل يجوز في لسان العرب أم لا ونحن في المجاز المجمع على جوازه في لسان العرب لا نعدل باللفظ إليه إلا بدليل والحمل عليه من غير دليل خطأ قطعا فهاهنا بطريق الأولى لكونه ضعيفا من جهة أنه مجاز وأنه مختلف في جوازه بلغة .
وأما ثانيا فهو اختلافهم في أن النفقة هل هي حق لذوي القربى فيتناولها لفظ الحق في الآية أم لا فلا يتناولها قال ابن الشاط وهو الصحيح وأما ثالثا فهو اختلافهم في أن أولى في الآية وإن كان نكرة في سياق الإثبات لا عموم فيه بل هو مطلق فيما ذوو الأرحام فيه أولى من ولاية النكاح ومن المعاضدة والمناصرة المجمع عليها فإنهم أولى بالإحسان إلى بعضهم بعضا بالنصرة إجماعا فهل يمتنع جعله عاما بأن يعدى حكمه إلى صورة أخرى بغير دليل كما يمتنع جعل العام مطلقا بغير دليل قال ابن الشاط وهو الصحيح أو لا يمتنع .
قال الأصل فظهر من هذه الاستدلالات أي nindex.php?page=showalam&ids=16867لمالك وغيره صحة مذهب nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك وتفضيله على غيره في هذه المسألة وظهر الفرق أيضا من خلال ذلك ظهورا بينا لكن قال ابن الشاط لم يظهر ما قاله لاحتمال أن تكون تلك الألفاظ تتناول غير الأدنين أيضا بالوضع الأصلي لكن وقع التجوز بقصرها على الأدنين فيحتاج هذا المجاز إلى قرينة أو ما يدل على أنه انتهى إلى أن صار عرفا ولا دليل له فيما استدل به على أن لفظ الأب وما معه لا يتناول غير الأدنين إلا مجازا فافهم والله أعلم .