أصبحت في دار بليات أدفع آفات بآفات
حتى صارت آلام الأطفال كآلام البالغين من لوازم النشأة الإنسانية التي لا ينفك عنها الإنسان ولا الحيوان كالحر والبرد والجوع والعطش والتعب والنصب والهم والغم والضعف والعجز بحيث إن الإنسان لو تجرد عنها لم يكن إنسانا ، بل كان ملكا أو خلقا آخر إلا أن البالغين لما صارت لهم عادة سهل موقعها عندهم بخلاف الأطفال كما في مفتاح السعادة لابن قيم الجوزية افتقرت حضانتهم إلى وفور الصبر عليهم في كثرة بكائهم وتضجرهم من الهيئات العارضة لهم وإلى مزيد الشفقة والرقة الباعثة على الرفق بالضعفاء والرفق بهم ولما كانت النسوة أتم من الرجال في ذلك ؛ لأن أنفات الرجال وإباية نفوسهم وعلو هممهم تمنعهم من الانسلاك في أطوار الصبيان وما يليق بهم من اللطف والمعاملات وملابسة القاذورات وتحمل الدناءات وقاعدة الشرع في كل موطن وكل ولاية تقديم من هو أقوم بمصالحها قدمهن الشرع على الرجال في الحضانة كما قدم الرجال عليهن في غيرها من جميع الولايات على حسب أحوالهم المناسبة لأي ولاية من الولايات فقدم في الخلافة من الرجال من هو كامل العلم والدين وافر العقل والرأي قوي النفس شديد الشجاعة عارف بأهليات الولايات حريص على مصالح الأمة قرشي من قبيلة النبوءة المعظمة كامل الحرمة والهيبة في نفوس الناس وقدم في ولاية الحرب من هو أقوم بمصالح الحروب من سياسة الجيوش ومكائدة العدو ، وقدم في القضاء من هو أكثر تفطنا لحجاج الخصوم وقواعد الأحكام ووجود الخدع من الناس وقدم في الفتوى من هو أنقل للأحكام وأشفق على الأمة وأحرصهم على إرشادها لحدود الشريعة وقدم في سعاية الماشية وجباية الزكاة والعمل عليها من هو أعرف بنصب الزكوات ومقادير الواجب فيها وأحكام اختلاطها وافتراقها وضم أجناسها وقدم في أمانة الحكم من هو أعرف بمقادير النفقات وأهليات الكفارات وتنمية أموال الأيتام والمناضلة عنهم وهكذا بقية الولايات فهذا هو الفرق بين قاعدة الحضانات وقاعدة غيرها من الولايات والله سبحانه وتعالى أعلم .