اعلم أن الهلاك خمسة أقسام ما هلك بسبب حامله من عثار أو ضعف حبل لم يغرر به أو ذهاب دابة أو سفينة بما فيهما فلا ضمان ، ولا أجرة ، ولا عليه أن يأتي بمثله ليحمله قاله nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك ، وقال غيره ما هلك بعثار كالهالك بأمر سماوي ، وقال ابن نافع لرب السفينة بحساب ما بلغت .
( الثاني ) ما غر فيه بضعف حبل يضمن القيمة بموضع الهلاك لأنه موضع التفريط ، وله من الكراء بحسابه ، وقيل بموضع الحمل لأنه منه ابتداء التعدي .
( الثالث ) ما هلك بأمر سماوي بالبينة فله الكراء كله ، وعليه حمل مثلهم من موضع الهلاك لأن أجزاء المنفعة مضمونة عليه . ( الرابع ) ما هلك بقولهم من الطعام لا يصدقون [ ص: 12 ] فيه لقيام التهمة ، ولهم الكراء كله لأن شأن الطعام امتداد الأيدي إليه لأنهم استحقوه بالعقد . ( الخامس ) ما هلك بأيديهم من العروض يصدقون فيه لعدم التهمة ، ولهم الكراء كله ، وعليهم حمل مثله من موضع الهلاك لأنهم لما قصدوا أشبه ما هلك بأمر سماوي ، وقال nindex.php?page=showalam&ids=13055ابن حبيب لهم من الكراء بحسب ما بلغوا ، ويفسخ الكراء لأنه لما كان لا يعلم إلا من قولهم أشبه ما هلك بعثار
[ ص: 12 ] حاشية ابن حسين المكي المالكي
( الفرق السابع والمائتان بين قاعدة ما يضمنه الأجراء إذا هلك وبين قاعدة ما لا يضمنونه )
وهو أن الهلاك خمسة أقسام يضمن الأجراء المهلوك في قسمين ( أحدهما ) ما غرروا فيه بضعف حبل يضمنون قيمته بموضع الهلاك لأنه موضع أثر التفريط ، ولهم من الكراء بحسابه ، وقيل بموضع الحمل لأنه منه ابتداء التعدي ( وثانيهما ) ما هلك بقولهم من الطعام لا يصدقون فيه لقيام التهمة ، ولهم الكراء كله لأن شأن الطعام امتداد الأيدي إليه لأنهم استحقوه بالعقد ، ولا يضمنونه في ثلاث أقسام : ( أحدها ) ما هلك بسبب حامله من عثار أو ضعف حبل لم يغرر به أو ذهاب دابة [ ص: 28 ] أو سفينة بما فيها فلا ضمان ولا أجرة ، ولا عليه أن يأتي بمثله ليحمله قاله nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك وقال غيره : ما هلك بعثار كالهالك بأمر سماوي .
وقال ابن نافع لرب السفينة بحساب ما بلغت ( وثانيها ) ما هلك بأمر سماوي بالبينة فله الكراء كله ، وعليه حمل مثله من موضع الهلاك لأن أجزاء المنفعة مضمونة عليه ( وثالثها ) ما هلك بأيديهم من العروض يصدقون فيه لعدم التهمة ، ولهم الكراء كله ، وعليهم حمل مثله من موضع الهلاك لأنهم لما صدقوا أشبه ما هلك بأمر سماوي .
وقال nindex.php?page=showalam&ids=13055ابن حبيب لهم من الكراء بحسب ما بلغوا ، ويفسخ الكراء لأنه لما كان لا يعلم إلا من قولهم أشبه ما هلك بعثار ، وفي بداية المجتهد لحفيد ابن رشد أن الضمان عند الفقهاء على وجهين : ( أحدهما ) ما كان بالتعدي ، وهو أن nindex.php?page=showalam&ids=16867مالكا جعل عثار الدابة لو كانت عثورا تعديا من صاحب الدابة يضمن بها الحمل ، وكذلك إن كانت الحبال رثة . ( وثانيهما ) ما كان لمكان المصلحة وحفظ الأموال ، وهو ضمان الصناع ، وذلك أنه لا خلاف عندهم أن الأجير ليس بضامن لما هلك عنده مما استؤجر عليه إلا أن يتعدى ما عدا حامل الطعام والطحان فإن nindex.php?page=showalam&ids=16867مالكا ضمنه ما هلك عنده إلا أن تقوم له بينة على هلاكه من غير سببه ، ومشهور nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك في صاحب الحمام أنه لا يضمن .
وقد قيل يضمن ، وشذ nindex.php?page=showalam&ids=12321أشهب فضمن الصناع ما قامت البينة على هلاكه عندهم من غير تعد منهم ولا تفريط ، وأما ما ادعوا هلاكه من المصنوعات المدفوعة إليهم فإنهم اختلفوا في تضمينهم فقال nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك nindex.php?page=showalam&ids=16330وابن أبي ليلى nindex.php?page=showalam&ids=14954وأبو يوسف يضمنون ما هلك عندهم .
وقال nindex.php?page=showalam&ids=11990أبو حنيفة لا يضمن من عمل بغير أجر ، ولا الخاص ، ويضمن المشترك ومن عمل بأجر nindex.php?page=showalam&ids=13790وللشافعي قولان في المشترك والخاص عندهم هو الذي يعمل في منزل المستأجر ، وقيل هو الذي لم ينتصب للناس ، وهو مذهب nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك في الخاص ، وهو عنده غير ضامن ، وتحصيل مذهب nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك على هذا أن الصانع المشترك يضمن سواء عمل بأجر أو بغير أجر ، وبتضمين الصناع قال علي وعمر وإن كان قد اختلف عن علي في ذلك ، وعمدة من لم ير الضمان عليهم أنه شبه الصانع بالمودع عنده والشريك والوكيل وأجير الغنم ، ومن ضمنه فلا دليل له إلا النظر إلى المصلحة وسد الذريعة .
وأما من فرق بين أن يعملوا بأجر أو لا يعملوا بأجر فلأن العامل بغير أجر إنما قبض المعمول لمنفعة صاحبه فقط فأشبه المودع ، وإذا قبضها بأجر فالمنفعة لكليهما فغلبت منفعة القابض فأشبه القرض والعارية عند nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي ، وكذلك أيضا من ينصب نفسه لم [ ص: 29 ] يكن في تضمينه سد ذريعة ، ولا خلاف أن الصناع لا يضمنون ما لم يقبضوا في منازلهم ، واختلف أصحاب nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك إذا قامت البينة على هلاك المصنوع ، وسقط الضمان عنهم هل تجب لهم الأجرة أم لا إذا كان هلاكه بعد إتمام الصنعة أو بعد تمام بعضها فقال ابن القاسم لا أجرة لهم .
وقال ابن المواز لهم الأجرة ، ووجه ما قال ابن المواز أن المصيبة إذا نزلت بالمستأجر فوجب أن لا يمضي عمل الصانع باطلا ، ووجه ما قال ابن القاسم أن الأجرة إنما استوجبت في مقابلة العمل فأشبه ذلك إذا هلك بتفريط من الأجير .
وقول ابن المواز أقيس ، وقول ابن القاسم أكثر نظرا إلى المصلحة لأنه رأى أن يشتركوا في المصيبة ، ومن هذا الباب اختلافهم في ضمان صاحب السفينة فقال nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك لا ضمان عليه ، وقال nindex.php?page=showalam&ids=11990أبو حنيفة عليه إلا من الموج ، وأصل مذهب nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك أن الصناع يضمنون كل ما أتى على أيديهم من خرق أو كسر في المصنوع أو قطع إذا عمله في حانوته ، وإن كان صاحبه قاعدا معه إلا فيما كان فيه تغرير من الأعمال مثل ثقب الجوهر ونقش الفصوص وتقويم السيوف واحتراق الخبز عند الفران ، والطبيب يموت العليل من معالجته ، وكذلك البيطار إلا أن يعلم أنه تعدى فيضمن حينئذ .
وأما الطبيب وما أشبهه إذا أخطأ في فعله ، وكان من أهل المعرفة فلا شيء عليه في النفس ، والدية على العاقلة فيما فوق الثلث ، وفي ماله فيما دون الثلث ، وإن لم يكن من أهل المعرفة فعليه الضرب والسجن والدية قيل في ماله ، وقيل على العاقلة ، ومسائل هذا الباب كثيرة ا هـ .
المحتاج إليه منه مع بعض إصلاح ، والله سبحانه وتعالى أعلم .