( ومنها ) إذا
تعارضت البينتان ففي المسألة ثلاث روايات . إحداهن يسقطان بالتعارض ويصيران كمن لا بينة لهما .
والثانية : يستعملان بقسمة العين بينهما بغير يمين .
والثالثة : يرجح أحدهما بالقرعة فمن قرع له حلف وأخذ العين . هكذا حكى
nindex.php?page=showalam&ids=14953القاضي في بعض كتبه هذه الرواية وتبعه عليها كثير من الأصحاب وأنكرها في كتاب المجرد
[ ص: 364 ] والخلاف .
وقال : إنما معناها أن البينتين يسقطان بالتعارض وتصير العين في يد غيرهما المتداعيين فيقرع بينهما على ما تقدم وصرح
nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد بهذا المعنى في رواية
nindex.php?page=showalam&ids=15772حنبل فقال : لو أقاما البينة جميعا أسقطت البينتين جميعا لأن كل واحدة منهما قد أكذبت صاحبتها ويستهمان على اليمين .
وحكى
ابن شهاب في عيون المسائل رواية أخرى : أنه يوقف الأمر حتى يتبين أو يصطلحا عليه ، ولو كانت العين المنازع فيها بيد أحدهما فلا تعارض ، بل نقدم بينة الخارج في أشهر الروايتين وفي الأخرى بينة الداخل ، إلا أن يكون التنازع في سبب اليد بأن يدعي كل منهما أنه اشتراها من
زيد أو اتهبها منه ويقيم بذلك بينة ، ففيه روايتان إحداهما أنه كبينة الداخل والخارج على ما سبق وهي المذهب عند
nindex.php?page=showalam&ids=14953القاضي .
والثانية : يتعارضان ; لأن السبب اليد هو نفس المتنازع فيه فلا تبقى مؤثرة لأنهما اتفقا على أن ملك هذه الدار
لزيد وعنه هو سميتك فلذلك لم يبق لليد تأثير لأنه قد علم مستندها وهو الشراء الذي عورض بمثله ، وهذه الرواية اختيار
أبي بكر وابن أبي موسى وصاحب المحرر .
واختار
أبو بكر هاهنا
وابن أبي موسى أنه يرجح بالقرعة ، ونص عليه
nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد في رواية
ابن منصور في
رجل باع ثوبا فجاء رجل فأقام البينة أنه اشتراه بمائة وأقام الآخر البينة أنه اشتراه بمائتين والبائع يقول : بعته بمائتين والثوب في يد البائع بعد . قال ليس قول البائع بشيء ، يقرع بينهما فمن أصابته القرعة فهو له بالذي ادعى أنه اشتراه به . قلت : فإن كان الثوب في يد أحدهما ولا يدري أيهما اشتراه أولا قال لا ينفعه ما في يده إذا كان مقرا أنه اشتراه من فلان فلا ينفعه ما في يده .
والعجب أن
nindex.php?page=showalam&ids=14953القاضي في المجرد حكى هذا النص عن
nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد وذكر أنه أجاب بقسمة الثوب بينهما نصفين ثم تأوله على أنه كان في أيديهما ، وإنما أجاب
nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد فيه بالقرعة كما ذكرناه وإنما المجيب بالقسمة
nindex.php?page=showalam&ids=16004سفيان الثوري فإن
إسحاق بن منصور يذكر
nindex.php?page=showalam&ids=12251لأحمد أولا المسألة ، وجواب
سفيان فيها فيجيبه
nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد عنها بعد ذلك بالموافقة أو بالمخالفة فربما يشتبه جواب
nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد بجواب
سفيان وقد وقع ذلك
nindex.php?page=showalam&ids=14953للقاضي كثيرا فلينبه لذلك وليراجع كلام
nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد من أصل مسائل
ابن منصور ، ووقع في الإرشاد
لابن أبي موسى في هذه المسألة كما وقع
nindex.php?page=showalam&ids=14953للقاضي فإنه نقل عن
nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد أنه إذا كان الثوب في يد البائع فهو بينهما نصفين وإن كان في يد أحدهما أقرع بينهما وهو وهم أيضا .
وذكر الشيخ
تقي الدين : أن مقتضى المذهب أنه إذا شهدت البينتان بالعقدين أو الإقرارين أو الحكمين أن يصدق البينتان به إن علم السابق وإلا كان بمنزلة أن تشهد بينة واحدة بالعقدين ولا يعلم السابق منهما . فهنا إما أن يقرع أو يبطل العقدان ، فلا يبقى هنا عقد صحيح يحكم به فيقر في يد ذي اليد وتكون الدعوى حينئذ لمن انتقل عنه على صاحب اليد قال وقياس المذهب فيما إذا اشتبه أسبق عقدي البيع أن يفسخهما إلا إذا تعذر موجب الفسخ من رد الثمن ونحوه فإنه يقرع لأن من أصلنا أنه إذا اشتبه المالك بغير المالك أو الملك بغير الملك
[ ص: 365 ] فإنا نقرع ، فإذا أمكن فسخ العقد ورد كل مال إلى صاحبه فهو خير من خطر القرعة