( ومنها )
قسمة الدين في ذمم الغرماء فإن قلنا القسمة إفراز صحت وإن قلنا بيع لم تصح وقد حكى الأصحاب في المسألة روايتين وهذا البناء متوجه على طريقه من طرد الخلاف في قسمة التراضي كالشيخ
تقي الدين رحمه الله تعالى مع أنه يميل إلى دخول الإجبار في قسمة الدين على الغرماء المتقاربين في الملاءة ; لأن الذمم عندنا تتكافأ بدليل الإجبار على قبول الحوالة على الملي وخص
nindex.php?page=showalam&ids=14953القاضي nindex.php?page=showalam&ids=13372وابن عقيل الروايتين بما إذا كان الدين في ذمتين فصاعدا فإن كان في ذمة واحد لم تصح قسمته رواية واحدة وأنكر ذلك الشيخ
nindex.php?page=showalam&ids=13028مجد الدين ويشهد لقوله أن
nindex.php?page=showalam&ids=14953القاضي في خلافه قال : إذا
قبض أحد الشريكين من الدين بإذن شريكه اختص بما قبضه وفرق في موضع آخر بين الدين الثابت بعقد فيختص أحد الشريكين بما قبضه منه ولو بغير إذن وبين الثابت بإرث ونحوه فلا يختص .
وقد نص
nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد في رواية
ابن منصور على الاشتراك في ثمن الطعام المشترك ونص في روايته على جواز القسمة بالتراضي في الذمة الواحدة وسلك صاحب المغني في توجيه الروايتين في المسألة طريقة ثانية وهي أن قبض أحد الشريكين من الدين المشترك هل هو قسمة للدين أو تعيين لحقه بالأخذ كالإبراء فإن قلنا هو قسمة لم يجز لأحدهما الانفراد بالقبض فإن أذن الشريك فيه فوجهان :
أحدهما : يصح وينفرد به القابض ; لأن الحق لشريكه وقد أسقطه .
والثاني : لا يصح وهو قول
أبي بكر ; لأن حق الشريك في الذمة لا في عين المال فلا ينفذ إذنه في قبض الأعيان . وفيه ضعف فإن الأعيان هي متعلق حقه وكذلك يتعلق حقوق غرماء المفلس بماله ، وإن قلنا ليس القبض قسمة جاز ; لأن حق الشريك في الذمة ولا ينتقل إلى العين إلا بقبض الغريم أو وكيله فقبض الشريك تعين لحقه لا غير فيختص به دون شريكه سواء كان بإذن الشريك
[ ص: 416 ] أو بدونه .
وكذلك حكى صاحب المغني هذه الرواية وذكر عن
nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد ما يدل عليها وقد أنكرها
أبو بكر عبد العزيز ويتوجه عندي في توجيه الروايتين طريقة ثالثة وهي أن أحد الشريكين إذا قبض من الدين فإنما قبض حقه المختص به لكن ليس له القبض دون شريكه لاشتراكهما في أصل الاستحقاق كغرماء المفلس فإذا قبض بدون إذن شريكه فهل لشريكه مقاسمته فيما قبضه أم لا ؟ على الروايتين فوجه المحاصة القياس على قبض بعض الشركاء من الأعيان المشتركة بدون قسمة كالمواريث أو من الأعيان المتعلق بها حقوقهم كمال المفلس ، ووجه عدم المحاصة أن المقبوض من الدين كله حق للقابض ولهذا لو أتلف في يده كان من نصيبه ولم يضمن لشريكه شيئا بخلاف القبض من الأعيان فعلى هذا الرواية لا فرق بين أن يقبض بإذن الشريك أو بدونه وعلى الأولى إن قبض بإذنه فهل له محاصة فيه ؟ على وجهين ; لأن حقه في المحاصة إنما ثبت بعد القبض فهو كإسقاط الشفعة قبل البيع والله أعلم وقد يقال : التراضي بقبض كل واحد منهما بعض الدين قسمة له ; لأن القسمة في الأعيان تقع في المحاسبة والأقوال في المنصوص فكذا في الديون وأما إن كان المشترك بعضه عينا وبعضه دينا فأخذ بعض الشركاء العين وبعضهم الدين وقد نص
nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد على جوازه مع الكراهة .
وحكاه عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس وقال : لا يكون إلا في الميراث وخرجه الشيخ
nindex.php?page=showalam&ids=13028مجد الدين على القول بجواز بيع الدين من غير الغريم ; لأن هذه القسمة بيع بغير خلاف عنده وعلى ما ذكره الشيخ
تقي الدين قد يطرد فيها الخلاف والله أعلم .
( ومنها )
قبض أحد الشريكين نصيبه من المال المشترك المثلي مع غيبة الآخر وامتناعه من الإذن بدون إذن الحاكم ، وفيه وجهان سبق ذكرهما في القواعد والوجهان على قولنا : القسمة إفراز فإن قلنا هي بيع لم يجز وجها واحدا فأما غير المثلي فلا يقسم إلا مع الشريك أو من يقوم مقامه كالوصي والولي والحاكم