( القاعدة الرابعة والأربعون ) : في
قبول قول الأمناء في الرد والتلف أما التلف فيقبل فيه قول كل أمين إذ لا معنى للأمانة
[ ص: 62 ] إلا انتفاء الضمان ، ومن لوازمه قبول قوله في التلف وإلا للزم الضمان باحتمال التلف وهو لا يلزمه الضمان مع تحققه ويستثنى من ذلك الوديعة إذا هلكت مال المودع على طريقة من يحكي الخلاف فيها في قبول [ قول ] المودع في التلف لا في أصل ضمانه وكذلك العين المستأجرة والمستأجر على عمل [ فيها ] حكي فيها رواية بالضمان فمن الأصحاب من جعلها رواية بثبوت الضمان فيها فلا تكون أمانة ، ومنهم من حكى الخلاف في قبول دعوى التلف بأمر خفي وهي طريقة
ابن أبي موسى فلا تخرج بذلك عن الأمانة وأما الرد
فالأمناء ثلاثة أقسام .
الأول من قبض المال لمنفعة مالكه وحده فالمذهب أن قولهم في الرد مقبول ونقل
أبو طالب وابن منصور عن
nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد أن الوديعة إذا ثبتت ببينة لم تقبل دعوى الرد بدون بينة وخرجها
nindex.php?page=showalam&ids=13372ابن عقيل على أن الإشهاد على دفع الحقوق الثابتة بالبينة واجب فيكون تركه تفريطا فيجب فيه الضمان وكذلك خرج طائفة من الأصحاب في وصي اليتيم أنه لا يقبل قوله في الرد بدون بينة ، وعزاه
nindex.php?page=showalam&ids=14953القاضي في خلافه إلى قول
nindex.php?page=showalam&ids=14209الخرقي وهو متوجه على هذا المأخذ ; لأن الإشهاد بالدفع إلى اليتيم مأمور به بنص القرآن ، وقد صرح
nindex.php?page=showalam&ids=11851أبو الخطاب في انتصاره باشتراطه الإشهاد عليه كالنكاح .
القسم الثاني : من قبض المال لمنفعة نفسه كالمرتهن فالمشهور أن قوله في الرد غير مقبول لشبهه بالمستعير وخرج
nindex.php?page=showalam&ids=11851أبو الخطاب وأبو الحسين وجها آخر بقبول قوله في الرد لأنه أمين في الجملة وكذلك الخلاف في المستأجر .
القسم الثالث : من قبض المال لمنفعة مشتركة بينه وبين مالكه كالمضارب والشريك والوكيل بجعل والوصي كذلك ففي قبول قولهم في الرد وجهان معروفان لوجود الشائبتين في حقهم .
( أحدهما ) عدم القبول ونص عليه
nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد في المضارب في رواية
ابن منصور أن عليه البينة بدفع رأس المال وهو اختيار
ابن حامد وابن أبي موسى nindex.php?page=showalam&ids=14953والقاضي في المجرد
nindex.php?page=showalam&ids=13372وابن عقيل وغيرهم .
( والثاني ) : قبول قولهم وهو اختيار
nindex.php?page=showalam&ids=14953القاضي في خلافه وابنه
أبي الحسين والشريف أبي جعفر nindex.php?page=showalam&ids=11851وأبي الخطاب في خلافه ووجدت ذلك منصوصا عن
nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد في رواية
ابن منصور في المضارب أيضا في رجل دفع إلى آخر [ ألف درهم ] مضاربة فجاء بألف فقال هذا ربح وقد دفعت إليك ألفا رأس مالك قال وهو مصدق فيما قال ، ووجدت في مسائل
nindex.php?page=showalam&ids=11998أبي داود عن
nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد نحو هذا أيضا ، وكذلك نقل عنه
nindex.php?page=showalam&ids=13920مهنا في مضارب دفع إلى رب المال كل يوم شيئا ثم قال كان من رأس المال أن القول قوله مع يمينه وحكم الأجير المشترك حكم هؤلاء وكذلك من يعمل في عين بجزء من نمائها لأنه إما أجير أو
[ ص: 63 ] شريك والفرق بينهم وبين المستأجر أن المستأجر قبض مال المؤجر ليستوفي منه حق نفسه فصار حفظه لنفسه وصار المال في أيديهم أمانة لا حق لهم فيه وإنما حقهم فيما ينمى منه أو في ذمة المالك فأما من يعمل في المال بجزء من عينه فهو كالوصي الذي يأكل من مال اليتيم القول قوله في الرد أيضا صرح به
nindex.php?page=showalam&ids=14953القاضي لأن المال لم يقبضه لحق نفسه بل للحفظ على المالك وحقه فيه متعلق بعمله بخلاف المرتهن والمستأجر - ثم هاهنا أربعة أقسام
( أحدهما ) أن يدعي الأمين أنه رد الأمانة إلى من ائتمنه وهذا هو الذي ذكرناه
( والثاني ) : أن يدعي الرد إلى غير من ائتمنه بإذنه فهل يقبل قوله ؟ على وجهين :
( أحدهما ) : وهو المنصوص وهو اختيار
أبي الحسن التميمي أنه يقبل قوله
( والثاني ) : لا يقبل فقيل لتفريطه بترك الإشهاد على المدفوع إليه فلو صدقه الأمين على الدفع لم يسقط الضمان وقيل بل لأنه ليس أمينا للمأمور بالدفع إليه فلا يقبل قوله في الرد إليه كالأجنبي وكل من [ هذه ] الأقوال الثلاثة قد نسب إلى
nindex.php?page=showalam&ids=14209الخرقي بل ونسب إليه أن دعوى الوصي الرد إلى اليتيم غير مقبول كما سبق فربما اطرد هذا في دعوى الرد من جميع الأمناء إلى من ائتمنهم وهو بعيد جدا وربما اختص بالوصي لأن ائتمانه ليس من جهة الصبي فهو كالأجنبي معه .
هذا إذا ادعى الرد بإذن المالك وإن ادعاه مع عدم إذنه فلا يقبل منه حتى ولا الأداء إلى الوارث والحاكم لأنهما لم يأتمناه نقله في التلخيص إلا أن يدعي الرد إلى من يده كيد المالك كوكيله أو رد الوديعة إلى عبده وخازنه ونحوهما ممن يحفظ ماله لأن أيديهم كيده ، ويتوجه في دعوى الرد إلى الحاكم والوارث بعد موت المورث القبول لقيامهما مقام المؤتمن وهو رد مبرئ .
القسم الثالث : أن يدعي غير الأمين - كوارثه - أن الأمين رد إلى المالك فلا يقبل لأنه غير مؤتمن فلا يقبل قوله ، ومن المتأخرين من خرج وجها بالقبول لأن الأصل عدم حصولها في يده وجعل أصل أحد الوجهين فيما إذا مات من كان عنده أمانة ولم توجد في تركته ولم يعلم بقاؤها عنده أنها لا تضمن ولا حاجة إلى التخريج إذا لأن الضمان على هذا الوجه منتف سواء ادعى الوارث الرد أو التلف أو لم يدع شيئا .
القسم الرابع : أن يدعي من حكمه حكم الأمناء في سقوط الضمان عنه بالتلف قبل التمكن من الرد كوارث المودع ونحوه والملتقط بعد ظهور المالك ومن أطارت الريح إلى داره ثوبا إذا
[ ص: 64 ] ادعوا الرد إلى المالك ، ففي التلخيص لا يقبل لأن المالك لم يأتمنه ويتوجه قبول دعواه في حالة لا يضمن فيها بالتلف لأنه مؤتمن شرعا في هذه الحالة .