[ ص: 71 ] القاعدة التاسعة والأربعون ) :
القبض في العقود على قسمين :
أحدهما : أن يكون من موجب العقد ومقتضاه كالبيع اللازم والرهن اللازم والهبة اللازمة والصداق وعوض الخلع فهذه العقود تلزم من غير قبض ، وإنما القبض فيها من موجبات عقودها .
الثاني : أن يكون القبض من تمام العقد كالقبض في السلم والربويات وفي الرهن والهبة والوقف على رواية والوصية على وجه وفي بيع غير المعين أيضا على خلاف فيه ، فأما السلم فمتى تفرقا قبل قبض رأس ماله بطل وكذلك في الربويات ، وأما الرهن والهبة فهل يعتبر القبض فيهما في جميع الأعيان أو في المبهم غير المتميز كقفيز من صبرة ؟ على روايتين ، وأما الوقف ففي لزومه بدون إخراج الوقف عن يده روايتان معروفتان ، وأما الوصية فهل تلزم بالقبول في المبهم ؟ فيه وجهان .
واختار
nindex.php?page=showalam&ids=14953القاضي nindex.php?page=showalam&ids=13372وابن عقيل أنها لا تلزم فيه بدون قبض ، وخرج صاحب المغني وجها ثالثا أنها لا تلزم بدون القبض مطلقا كالهبة ، وكذلك حكى صاحب المغني وغيره وجهين في رد الموقوف عليه المعين للوقف هل يبطل برده ، وصرح
nindex.php?page=showalam&ids=14953القاضي في المجرد بأن الملك فيه لا يلزم بدون القبض وأما المبيع المبهم فذكر
nindex.php?page=showalam&ids=14953القاضي في موضع أنه غير لازم بدون القبض وذكر في موضع آخر [ أنه ] لازم من جهته [ ولم يتعرض للمشتري ولعله جعله غير لازم من جهة البائع ] لأنه لم يدخل في ضمانه بعد واختار صاحب المغني أنه لازم في حقهما جميعا وقال هو ظاهر كلام
nindex.php?page=showalam&ids=14209الخرقي واعلم أن كثيرا من الأصحاب يجعل القبض في هذه العقود معتبرا للزومها واستمرارها لا لانعقادها وإنشائها وممن صرح بذلك صاحب المغني
nindex.php?page=showalam&ids=11851وأبو الخطاب في انتصاره وصاحب التلخيص وغيرهم ، ومن الأصحاب من جعل القبض فيها شرطا للصحة وممن صرح بذلك صاحب المحرر فيه في الصرف والسلم والهبة .
وقال في الشرح : مذهبنا أن الملك في الموهوب لا يثبت بدون القبض وفرع عليه إذا دخل وقت الغروب من ليلة الفطر والعبد موهوب لم يقبض ثم قبض وقلنا يعتبر في هبته القبض ففطرته على الواهب .
وكذلك صرح
nindex.php?page=showalam&ids=13372ابن عقيل بأن القبض ركن من أركان الهبة كالإيجاب في غيرها وكلام
nindex.php?page=showalam&ids=14209الخرقي يدل عليه أيضا ، وكذلك ذكر
nindex.php?page=showalam&ids=14953القاضي أن القبض شرط في صحة الصرف والسلم وصرح به كثير من الأصحاب ، ولكن صاحب المحرر لم يذكر في الرهن إلا أن القبض شرط للزومه ، وصرح
أبو بكر بأنه شرط لصحته وأن الرهن يبطل بزواله وكذلك صاحب المحرر في شرح الهداية
والشيرازي وغيرهما .
وأما القرض والصدقة والزكاة وغيرها ففيها طريقان إحداهما لا يملك إلا بالقبض رواية واحدة وهي طريقة المجرد
[ ص: 72 ] والمبهج ونص عليه
nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد في مواضع .
والثانية : أنه في المبهم لا يملك بدون القبض بخلاف المعين فإنه يملك فيه بالعقد وهي طريقة
nindex.php?page=showalam&ids=14953القاضي في خلافه
nindex.php?page=showalam&ids=13372وابن عقيل في مفرداته
والحلواني وابنه إلا أنهما حكيا في المعين روايتين كالهبة ، وأما السهم من الغنيمة فيملك بدون القبض إذا عينه الإمام بغير خلاف صرح به
الحلواني nindex.php?page=showalam&ids=13372وابن عقيل وغيرهما ، وأما العارية فلا تملك بدون القبض إن قيل إنها هبة منفعة وخرج
nindex.php?page=showalam&ids=14953القاضي فيها رواية أخرى أنها تملك بمجرد العقد كهبة الأعيان وتلزم إذا كانت مؤقتة وإن قيل هي إباحة فلا يحصل الملك فيها بحال بل يستوفى على ملك المالك كطعام الضيف قال الشيخ
تقي الدين : التحقيق أن يقال في هذه العقود : إذا لم يحصل القبض فلا عقد ، وإن كان بعض الفقهاء يقول بطل العقد فكما يقال إذا لم يقبل المخاطب بطل الإيجاب فهذا بطلان ما لم يتم لا بطلان ما تم انتهى . ولا يستبعد توقف انعقاد العقد على أمر زائد على الإيجاب والقبول كما يتوقف انعقاد النكاح معهما على الشهادة .
وفي الهبة وجه ثالث حكي عن
ابن حامد أن الملك فيها يقع مراعى فإن وجد القبض تبينا أنه كان للموهوب بقبوله وإلا فهو للواهب ، وفرع على ذلك حكم الفطرة وقد يطرد قوله بالوقف والمراعاة إلى بقية هذه العقود .
وأما البيع الذي يعتبر له القبض ففي كلام
أبي بكر ما يدل على أنه لا ينعقد بدون القبض أيضا ، فإنه قال : إذا اشتراه كيلا فلا يقع بينهما إلا كيلا وتأوله
nindex.php?page=showalam&ids=14953القاضي على نفي الضمان وهو بعيد قال : لأن
nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد قيل له في رواية
ابن مشيش أليس قد ملكه المشتري ؟ قال بلى ولكن هو من مال البائع يعني إذا تلف ، قلت : لكن صرح
nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد في رواية
ابن منصور بانتقال الملك قبل القبض فقال أما ما يكال ويوزن فلا بد للبائع أن يوفيه المبتاع لأن ملك البائع فيه قائم حتى يوفيه المشتري وما يكال ولا يوزن إذا كان معلوما فهو ملك للمشتري فما لزمه من شيء فهو عليه .
وقال أيضا في طعام اشتري بالصفة ولا يحول البائع الثمن والبائع مالك بعد ما لم يكله المشتري وهذا صريح لا يمكن تأويله ، فيكون إذا عن
nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد في انتقال الملك في بيع المكيل والموزون بدون القبض روايتان .