[ ص: 74 ] القاعدة الحادية والخمسون ) : فيما يعتبر القبض لدخوله في ضمان مالكه وما لا يعتبر له الملك يقع تارة بعقد وتارة بغير عقد والعقود نوعان :
أحدهما
عقود المعاوضات المحضة فينتقل الضمان فيها إلى من ينتقل الملك إليه بمجرد التمكن من القبض التام والحيازة إذا تميز المعقود عليه من غيره وتعين فأما المبيع المبهم غير المتعين كقفيز من صبرة فلا ينتقل ضمانها بدون القبض ، وهل يكفي كيله وتمييزه أم لا بد من نقله ؟ حكى الأصحاب فيه روايتين ثم لهم طريقان : منهم من يقول هل التخلية قبض في جميع الأعيان المبيعة أم لا بد من نقله ؟ حكى الأصحاب فيه روايتين ، ومنهم من يقول : التخلية قبض في المبيع المتعين رواية واحدة ، وفيما ليس بمتعين إذا عين وخلي بينه وبينه روايتين وكلا الطريقين مسلك
nindex.php?page=showalam&ids=14953القاضي في خلافه وله في طريقة ثالثة سلكها في المجرد أن الكيل قبض للمبهم رواية واحدة ، وذكر قول
nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد في رواية
محمد بن الحسن بن هارون قبضه كيله والتخلية قبض في المعينات على روايتين وهذه أصح مما قبلها وقد فرق
nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد بين المبهم فجعل قبضه كيله وبين الصبرة فجعل قبضها نقلها في رواية
nindex.php?page=showalam&ids=13665الأثرم لأن المبهم إذا كيل فقد حصل فيه التمييز وزيادة وهي اعتبار قدره وكلاهما من فعل البائع وهو الواجب عليه ولم يوجد في بقية المعينات شيء من ذلك سوى تمييزها بنفسها ، وعلى الطريقة الأولى فيكون بعد كيله وتمييزه كسائر الأعيان المتميزة وما عدا ذلك من الأعيان المتميزة فهو داخل في ضمان المشتري بالعقد في ظاهر المذهب لتمكنه من قبضه التام بالحيازة وقد انقطعت علق البائع منه لأن عليه تسليمه والتمكين من قبضه وقد حصل ، إلا الثمر المشترى في رءوس شجره فإن المشتري لا يتمكن من تمام قبضه في الحال بحيازته إليه ، وكذلك ما لا يتأتى نقله في ساعة واحدة لكثرته فإنه لا ينتقل إلى ضمانة المشتري إلا بعد مضي زمن يتأتى فيه نقله عادة صرح به
nindex.php?page=showalam&ids=14953القاضي وغيره فالناقل للضمان هو القدرة التامة على الاستيفاء والحيازة وحكم المبهم المشترى بعدد أو ذرع كذلك وأنكر
nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد في رواية
ابن منصور دخول المعدود فيه ولعل مراده إذا اشترى صبرة ، وأما المشاع فكالمتعين لأن تسليمه يكون على هيئة لا يقف على
[ ص: 75 ] إفرازه كذلك ذكره
nindex.php?page=showalam&ids=14953القاضي nindex.php?page=showalam&ids=13372وابن عقيل والصبرة المبتاعة كيلا أو وزنا كالقفيز المبهم عند
nindex.php?page=showalam&ids=14209الخرقي وأبي بكر والأكثرين لأن علق البائع لم تنقطع منها ولم تتميز فإن زيادتها له ونقصها عليه وفي التلخيص أن بعض الأصحاب خرج فيها وجها بإلحاقها بالعبد والثوب بناء على أن العلة اختلاط المبيع بغيره .
قال وهو ضعيف ، قال : واستثنى بعض أصحابنا منها حمده في الصرف لقوله [ عليه الصلاة والسلام ] السلام : إلا هاء وهاء . ومراده : أن الشارع اعتبر له القبض فالتحق بالمبهمات ونقل
nindex.php?page=showalam&ids=16207صالح عن
nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد فيمن اشترى عبدا فمات في يد المبتاع هو من مال المبتاع إلا أن يقول المبتاع تسلمه فلا يتسلمه وظاهر هذا أنه يكون من ضمان البائع إلا أن يمتنع المشتري من تسلمه بعد عرضه عليه فيدخل في ضمانه ، ونقل
nindex.php?page=showalam&ids=15772حنبل عنه إذا عرضه البائع عليه ولم ينقده الثمن فتلف فهو من مال البائع ، وإن نقده الثمن وتركه عنده فهو من مال المشتري ، ويلتحق بهذه المضمونات من المبيع ما اشتري بصفة أو رؤية سابقة على العقد لأن الغيبة مانعة من التمكن من القبض ، فأما المبيع في مكان أو زمان يغلب فيه هلاك السلعة فهل يكون مضمونا على البائع مطلقا أم لا ؟ هذه مسألة تبايع الغنيمة بعد القسمة في دار الحرب إذا غلب عليها العدو بعد ذلك وعن
nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد في ضمانها روايتان ، كذا حكى الأصحاب ولم يفرق أكثرهم بين ما قبل القبض وبعده .
[ وظاهر ] كلام
nindex.php?page=showalam&ids=13372ابن عقيل التفريق وأنه قبل القبض من ضمان البائع قولا واحدا كالثمر المعلق في رءوس الشجر لتعرضه للآفات وفيه نظر فإن الثمر لم يتمكن المشتري من قبضه تاما بخلاف المبيع المعين في دار الحرب ، وخص أكثر الأصحاب ذلك بمال الغنيمة لأن تطلب الكفار لها شديد وحرصهم على استردادها معلوم بخلاف غيرها من أموال المسلمين وحكى
nindex.php?page=showalam&ids=13372ابن عقيل في تبايع المسلمين أموالهم بينهم بدار الحرب إذا غلب عليها العدو قبل قبضه وجهين كمال الغنيمة فأما ما
بيع في دار الإسلام في زمن نهب ونحوه فمضمون على المشتري قولا واحدا ذكره كثير من الأصحاب كشراء من يغلب على الظن هلاكه كمريض ميئوس منه أو مرتد أو قاتل في محاربة أو في زمن طاعون غالب ، ويحتمل في هذا أن يفرق بين التلف قبل القبض وبعده فأما الأعيان المملوكة بعقد غير البيع كالصلح والنكاح والخلع والعتق ونحو ذلك فحكمها حكم البيع فيما ذكرنا عند أكثر الأصحاب .
قال في المغني ليس فيه اختلاف ، وحكى
nindex.php?page=showalam&ids=11851أبو الخطاب ومن اتبعه رواية بأن الصداق مضمون على الزوج قبل القبض مطلقا فإنه نص فيما إذا أصدقها غلاما ففقئت عينه قبل أن تقبضه أن عليه ضمانه وتأولها
nindex.php?page=showalam&ids=14953القاضي على أن الزوج فقأ عينه
[ ص: 76 ] أو أنه امتنع من التسليم حتى فقئت عينه فيكون ضامنا بلا ريب ويمكن أن يخرج من هذا رواية بأن ضمان جميع الأعيان لا تنتقل إلا بالقبض في البيع وغيره وخرجها بعض الأصحاب رواية عن
nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد من نصه على ضمان صبر الطعام على البائع قبل القبض فمن الأصحاب من تأولها على أنها بيعت كيلا ، ومنهم من أقرها رواية في المكيل والموزون وإن بيع جزافا ، ومنهم من خرج منها رواية في جميع الأعيان المتميزة ومأخذ ذلك أن علق الملك لا تنقطع عنه بدون القبض لأن تسليمه واجب عليه بحق العقد ولم يوجد فلم تتم أحكام العقد فكان مضمونا على المملك وهذه شبه
nindex.php?page=showalam&ids=13372ابن عقيل التي اعتمدها في أن ضمان جميع الأعيان على البائع قبل القبض ، وهي ضعيفة فإن البائع عليه التمكين من القبض وهو معنى التسليم فإذا وجد منه فقد قضى ما عليه ، وأما النقل فهو على المشتري دون البائع وهو واجب عليه لتفريغ ملك البائع من ملكه ، فكيف يكون تعديه بشغل أرض المالك بملكه من غير إذنه أو مع مطالبته بتفريغه موجبا للضمان على البائع ، ويحتمل أن يفرق بين النكاح وغيره من العقود بأن المهر في النكاح ليس بعوض أصلي بل هو شبيه بالهبة ، ولهذا سماه الله نحلة فلا ينتقل ضمانه إلى المرأة بدون القبض كالهبة والصدقة والزكاة ، وهذا كله في الأعيان .
فأما المنافع في الإجارة لا تدخل في ضمان المستأجر بدون القبض أو التمكين منه أو تفوته باختياره فإن استوفى المنافع فلا كلام وإن تمكن من استيفائها بقبض العين أو تسليم الأجير الخاص نفسه تلفت من ضمانه أيضا لتمكنه من الانتفاع .