وأما الفسخ الاختياري فكثير
، ومن مسائله إذا
تلف المبيع في مدة الخيار هل يسقط الخيار أم لا يسقط ؟ وللبائع الفسخ فيرجع بعوضه ويرد الثمن على روايتين معروفتين ونقل
أبو طالب عنه إن أعتقه المشتري أو تلف عنه فللبائع الثمن وإن باعه ولم يمكنه رده فله القيمة [ ففرق بين التلف الحسي والحكمي وبين التفويت مع بقاء العين فأجاز الفسخ ] مع بقائها لإمكان الرجوع بخلاف التلف وأيضا
[ ص: 108 ] فتصرفه في المبيع في مدة الخيار جناية حال بها بين البائع والرجوع في ماله فيملك أن يفسخ ويضمنه القيمة للحيلولة وإلى هذا المأخذ أشار
nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد رحمه الله .
ومنها إذا
اختلف المتبايعان في الثمن بعد تلف المبيع وفيه روايتان :
إحداهما يتخالفان ويفسخ البيع ويغرم المشتري القيمة .
والثانية : القول قول المشتري مع يمينه في قدر الثمن ولا فسخ اختارها
أبو بكر ومنها إذا
تبايعا جارية بعبد أو ثوب ثم وجد أحدهما بما قبضه عيبا وقد تلف الآخر فإنه يرد ما بيده ويفسخ العقد ويرجع بقيمة التالف نص عليه
nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد في رواية
nindex.php?page=showalam&ids=15772حنبل وابن منصور ولم يذكر الأصحاب فيه خلافا لأن هنا عينا باقية يمكن الفسخ فيها فيقع الفسخ في التالف تبعا كما لو كان الثمن نقدا معينا وقد تلف فإنه لا خلاف أنه يرد السلعة بالعيب ويأخذ بدل الثمن ومنها إذا
تلف بعض المبيع المعيب وأراد رده فهل يجوز رد الموجود مع قيمة المفقود ويأخذ الثمن .
ظاهر كلام
nindex.php?page=showalam&ids=14953القاضي في خلافه في المسألة التي قبلها جوازه لأن الفسخ في المفقود هنا تابع للفسخ في الموجود ، وخرجه صاحب التلخيص على روايتين فيما إذا اشترى شيئا فبان معيبا وقد تعيب عنده فإنه يرده على إحدى الروايتين ويرد معها أرش العيب الحادث عنده منسوبا من قيمته لا من ثمنه فورد الفسخ هنا على المفقود تبعا للموجود واعتذر
nindex.php?page=showalam&ids=13372ابن عقيل عن ضمانه بالقيمة فإنه لما فسخ العقد صار المبيع في يده كالمقبوض على وجه السوم لأنه قبض بحكم عقد فلذلك ضمن بالقيمة وهذا رجوع إلى أن الفسخ رفع للعقد من أصله وهو ضعيف ، ومقتضى هذا أن الأصل ضمانه بجزء من الثمن وهو مقتضى ما ذكره
nindex.php?page=showalam&ids=14953القاضي nindex.php?page=showalam&ids=13372وابن عقيل في مسائل التفليس لأن كل جزء من المبيع مقابل لجزء من الثمن فإذا لم يكن رد المبيع كله رد الموجود منه بقسطه من الثمن كما في تفريق الصفقة وهذا خلاف أرش العيب الذي يأخذه المشتري من البائع فإنه يأخذه منسوبا من الثمن واختلف الأصحاب فيه فمنهم من يقول هو فسخ للعقد في مقدار العيب ورجوع بقسطه من الثمن ، وعلى هذا فالفسخ ورد على معدوم مستحق التسليم وهذا في المشترى في الذمة كالسلم ظاهرا لأنه كان يستحقه سليما فأما في المعين فلم يقع العقد على غير عينه فلا يمكن أن يكون الأرش فسخا إلا أن يكون إطلاق العقد على العين يقتضي سلامتها وكأنها موصوفة بصفة السلامة وقد فاتت ومنهم من يقول بل هو عوض عن الجزء الفائت .
وعلى هذا فهل هو عوض عن الجزء نفسه أو عن قيمته ؟ ذهب
nindex.php?page=showalam&ids=14953القاضي في خلافه إلى أنه عوض عن القيمة وذهب
nindex.php?page=showalam&ids=13372ابن عقيل في فنونه
وابن المنى إلى أنه عوض عن العين
[ ص: 109 ] عنها بما شاء .
وإن قلنا القيمة لم يجز أن يصالح عنها بأكثر منها من جنسها ، ومنهم من قال هو إسقاط لجزء من الثمن في مقابلة الجزء الفائت الذي تعذر تسليمه لا على وجه الفسخ لأن الفسخ لا يقابل الفائتة وينبني على ذلك جواز المصالحة عنه بأكثر من قيمته ، فإن قلنا المضمون العين فله المصالحة الصحة والسلامة وإنما يقابل الأجزاء المشاعة فإذا عقد على عين موصوفة وفات بعض صفاتها رجع بما قابله من الثمن من غير فسخ وكل من هذه الأقوال الثلاثة قاله
nindex.php?page=showalam&ids=14953القاضي في موضع من خلافه وينبني على الخلاف في أن الأرش فسخ أو إسقاط لجزء من الثمن أو معاوضته أنه إن كان فسخا أو إسقاطا لم يرجع إلا بقدره من الثمن ويستحق جزءا من عين الثمن مع بقائه بخلاف ما إذا قلنا هو معاوضة وأما إن أسقط المشتري خيار الرد بعوض بذله له البائع وقبله فإنه يجوز على حسب ما يتفقان عليه وليس من الأرش في شيء ذكره
nindex.php?page=showalam&ids=14953القاضي nindex.php?page=showalam&ids=13372وابن عقيل في الشفعة ونص
nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد على مثله في النكاح في خيار المعتقة تحت عبد .
ومنها إذا
تلفت العين المعيبة كلها فهل يملك المشتري الفسخ ورد بدلها أم لا ؟ الذي عليه الأكثرون أنه لا يملك ذلك وأشار إليه
nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد في رواية
ابن منصور قالوا : لأن الرد يستدعي مردودا ولا مردود إلا مع بقاء العين وظلامته تستدرك بالأرش وهو ضعيف لأن البدل يقوم مقام العين وخرج
nindex.php?page=showalam&ids=14953القاضي في خلافه جواز ذلك من رد المشتري أرش العيب الحادث عنده كما تقدم وذكر في أنه قياس المذهب وتابعه عليه
nindex.php?page=showalam&ids=11851أبو الخطاب في انتصاره ، وجزم به
nindex.php?page=showalam&ids=13372ابن عقيل في الفصول من غير خلاف حكاه ومنها إذا
اشترى ربويا بجنسه فبان معيبا ثم تلف قبل رده فإنه يملك الفسخ ويرد بدله ويأخذ لأنه لا يجوز له أخذ الأرش على الصحيح بمحذور الربا فتعين الفسخ .
ومنها
الإقالة هل تصح بعد تلف العين ؟ قال
nindex.php?page=showalam&ids=14953القاضي مرة : لا تصح لأنها عقد يقف على الرضا من الجانبين فهي كالبيع بخلاف الرد بالعيب ثم قال في موضع آخر قياس المذهب صحتها بعد التلف إذا قلنا هي فسخ وتابعه
nindex.php?page=showalam&ids=11851أبو الخطاب في الانتصار
nindex.php?page=showalam&ids=13372وابن عقيل في نظرياته وحكى صاحب التلخيص فيها وجهين بخلاف الرد بالعيب وفرق بأن الرد يستدعي مردودا بخلاف الفسخ وهو ضعيف فإن الرد فسخ أيضا والإقالة تستدعي مقالا فيه ولكن البدل يقوم مقام المبدل هنا للضرورة .
ومنها الشركة في البيوع وهي نوع منها وحقيقتها أن
يشتري رجل شيئا فيقول لآخر أشركتك في نصفه أو جزء مشاع منه فيقبل فيصح ذلك ويكون تمليكا منجزا بعوض في الذمة وموضوع هذا العقد أنه إن ربح المال المشترك فيه فالربح بينهما الناطفية بالثمن ويصير المشتري شريكا في الربح فيأخذ حصته منه وإن تلف المال أو خسر انفسخت الشركة فيكون الخسران أو التلف على المشتري فيقدر انفساخ الشركة حكما في آخر زمن الملك قبل بيعه بخسارة أو تلفه
[ ص: 110 ] وإنما يحكم بالانفساخ بعد التلف والخسران فيكون هذا العقد مفيدا للشركة في الربح خاصة ويكون فسخه معلقا على شرط ويكتفى بذلك بمسمى الشركة من غير حاجة إلى شرط لفظي وقد نص
nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد على جواز هذا في رواية جماعة منهم
nindex.php?page=showalam&ids=13665الأثرم ومهنا وأحمد بن القاسم وسندي وأبو طالب nindex.php?page=showalam&ids=12257وأحمد بن سعيد وابن منصور وغيرهم ونقل مثل ذلك عن
nindex.php?page=showalam&ids=16097شريح والشعبي صريحا وسئل
nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد هل يدخل هذا في ربح ما لم يضمن ؟ فقال : هو مثل المضارب يأخذ الربح ولا ضمان عليه . وقد أشكل توجيه كلام
nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد على
nindex.php?page=showalam&ids=14953القاضي فحمله على محامل بعيدة جدا وحمله
ابن أبي موسى على ظاهره وتبعه
الشيرازي إلا أنه خرج وجها آخر أن الوضيعة عليهما كالربح .