فصل
فيما يثاب عليه من حسن الصفات وما لا يثاب عليه كل صفة جبلية لا كسب للمرء فيها ، كحسن الصور ، واعتدال القامات وحسن الأخلاق ، والشجاعة والجود ، والحياء والغيرة ، والنخوة وشدة البطش ، ونفوذ الحواس ، ووفور العقول ، فهذا لا ثواب عليه مع فضله وشرفه لأنه ليس بكسب لمن اتصف به ، وإنما الثواب والعقاب على ثمراته المكتسبة ، فمن أجاب هذه الصفات إلى ما دعت إليه الشريعة كان مثابا على إجابته جامعا لصفتين حسناوين إحداهما : جبلية ، والأخرى كسبية ، ومن لم يجب إلى ذلك كان وصفه حسنا وفعله قبيحا ، وأما ما يصدر عن هذه الأوصاف من آثارها المكتسبة فإن لم يقصد بها وجه الله فلا ثواب عليها ، وإن قصد بها الرياء والتسميع أثم بذلك ، وإن قصد بها وجه الله تعالى أجر وفاز بخير الدارين ومدحهما .