وأفعال القلوب كثيرة : منها حسن الظن بالله ، ومنها الحزن على ما فات من طاعته ، ومنها الفرح بفضله ورحمته ، ومنها محبة الطاعة والإيمان ، وكراهة الكفر والفسوق والعصيان ، ومنها الحب في الله والبغض في الله كحب الأنبياء وبغض العصاة والأشقياء ، ومنها الصبر على البليات والطاعات ، وعن المعاصي والمخالفات ، ومنها التذلل والتخضع والتخشع والتذكر والتيقظ ، وغبطة الأبرار على برهم ، والأخيار على خيرهم ، والأتقياء على تقواهم ، ومنها الكف عن أضداد هذه المأمورات ، ومنها الشوق إلى لقاء الله ، ومنها أن يحب للمؤمنين ما يحب لنفسه ، وأن يكره لهم مثل ما يكره لنفسه ، ومنها مجاهدة النفس والشيطان إذا دعوا إلى المخالفات والعصيان ، ومنها ذكرها ذم اللذات وذكر الوقوف بين يدي رب السموات ، ومنها السرور بطاعة الله والاغتمام بمعصية الله فنعم من سرته حسنته وساءته سيئته كما قال عليه السلام ، ومنها الإيمان بجميع ما أخبر الله ورسوله صلى الله عليه وسلم به من السابق واللاحق ، ومنها إضمار النصيحة لكل مسلم ، ومنها استحضار المخلوقات عند نزوع النفس إلى اتباع الشهوات .
ومنها أن يقدر إذا عبد ربه كأنه يراه لتقع العبادة على أكمل الأحوال ، فإن عجز عن ذلك فليقدر أن الله ناظر إليه ، ومطلع عليه ، وهذا هو إحسان
[ ص: 223 ] العبادات ، ومنها تفريغ القلب من الأكوان الحادثات شغلا برب الأرض والسموات ، وهذا هو المعبر عنه بالفناء عند أهل الصفوة والصفاء ، وحقيقته غفلة عن كل شيء للشغل برب كل شيء ، ومنها الزهد في كل ما يمكن الاستغناء عنه من متاع الدنيا إلا ما استثناه الشرع بالحث عليه والندب إليه كالنكاح ، والزهد في الشيء خلو القلب من التعلق به مع الرغبة عنه ، والفراغ منه ، ولا يشترط خلو اليد منه ولا انقطاع الملك عنه ، فإن سيد المرسلين وقدوة الزاهدين مات عن
فدك والعوالي ونصف
وادي القرى وسهامه من
خيبر ، وملك
سليمان الأرض كلها وكان شغلهما بالله مانعا لهما من التعلق بكل ما ملكا .