فإن قيل
هل يستوي الحاج عن نفسه [ ص: 33 ] والمحجوج عنه في مقاصد الحج ؟ قلنا : قيل يستويان في براءة الذمة ولا يستويان في الأجر ، وأين مجرد بذل الأجرة في مباشرة الحج والقيام بأركانه وشرائطه وسننه وآدابه مع تحمل مشقته ، وما يحصل فيه من الخضوع والخشوع والتناوش والاستكانة والتعظيم ، وهكذا الأبدال كلها لا تساوي مبدلاتها ، فليس التيمم كالوضوء والغسل ، وليس صوم الكفارة كإعتاقها ولا إطعامها كصيامها ، ولا تساوت الأبدال والمبدلات في المصالح لما في شرط الانتقال إلى أحدهما من فقد الآخر .
فإن قيل لو
حصل للأجير على الحج تذلل وتمسكن وتناوش وخضوع وخشوع وإجلال وتعظيم ومهابة ومحبة وأنس وفرح وسرور وخوف ورجاء وبكاء واستحياء ، فهل يحصل أجر ذلك للمحجوج عنه ؟ قلنا : لا فإن الإجارة متعلقة بأركان الحج وواجباته وسننه ولا يحصل فيه من أعمال القلوب إلا النية لوقوف الصحة عليها ، ولا يحصل شيء من ذلك للمحجوج عنه ، لأن الإجارة لم تتناوله ، بل لو استؤجر عليه لم يصح للعجز عنه في الغالب ، وعدم الاحتياج إليه بخلاف الحج وسننه .