( فائدة ) : من
ادعى عليه الحق مسندا إلى سبب كالبيع والإجارة والنكاح والجناية الموجبة للقصاص والحد والتعزير فنفاه أو نفى سببه قبل
[ ص: 32 ] منه ، وليس للحاكم إلزامه بنفي سببه ; لأن الأسباب قد تتحقق ويسقط حقوقها ومواجبها بعد ثبوتها ، فلا يلزمه أن يحلف ما باع لاحتمال أن يتحقق البيع ثم تقع الإقالة بعده ، أو الفسخ أو الإبراء من الثمن ، فلو كلف أن يحلف على نفي البيع لتضرر ، فإنه إن صدق ألزم بموجب البيع ، وإن كذب فقد حلف بالله كاذبا كذبا لا تدعوا الحاجة إليه ، إذ له عنه مندوحة بنفي الاستحقاق الذي هو مقصود الخصم .
وكذلك الإجارة قد يتعقبها من الفسخ ، أو الإبراء ، أو الإقالة ما يقطع استحقاقها ، وكذلك النكاح قد يرتفع بالإبانة والفسوخ ، فلو اعترف به لألزم بحكمه وموجبه ، وفيه إضرار به ، وكذلك الجناية الموجبة للقصاص والحد والتعزير قد يقع بعدها عفو أو صلح يسقط موجبها ، فإذا حلف على نفي الاستحقاق فقد نفى المقصود بالدعوى وسلم من هذه المؤاخذات ، ولو ألزم الحلف على نفي السبب مع تحققه لحملناه على الحلف كاذبا مع أن كذبه غير محتاج إليه ، وإن أقر بالسبب خوفا من الكذب تضرر بإلزامه حقا قد سقط ، فكان الجمع بين حقه في ذلك ، وبين حق الخصم في الإجابة لنفي الحق دفعا بين حقيهما من غير تعريض واحد منهما لضرر دينه أو حقه ، ولا يخفى ما في هذا من الإنصاف الذي يبنى القضاء على أمثاله .