( فائدة ) : إنما
شرط العدد في الشهادة ; لأن الخبر الصادر من اثنين آكد ظنا وأقوى حسبانا من الخبر المستفاد من قول الواحد ، وكلما كثر المخبرون كثر الظن بكثرة عددهم إلى أن ينتهي خبرهم إلى الاعتقاد ، فإن تكرر بعد حصول الاعتقاد انتهى إلى إفادة العلم ، وهذا معلوم باطراد العادات فيما يندرج فيه من الخبر المتواتر ، ويجب على هذا أن تتوارد الشهادتان على شيء متحد .
فإذا
شهد واحد على قتل أو قبض أو غصب أو قذف أو بيع أو إجارة في يوم الأحد ، وشهد آخر على وقوع ذلك يوم الاثنين لم يثبت ; لأن الشهادتين لم يتعلقا بشيء واحد حتى يتأكد الظن ، ومن خالف في ذلك فقد أخطأ ; لأن الشهادتين لم يتواردا على شيء واحد ، فإن حكم بذلك كان حكما بشاهد واحد ، ولا سيما في القتل والإتلاف ، فإن الشهادتين متكاذبتان فلو حكم بذلك لكان حكما بالشك ، وإن اختلف تاريخ الإقرار .
فإن كان الإقرار بشيئين مختلفين لم يحكم بالشهادة إذ لم يقم في كل واحد من الإقرارين إلا شاهد واحد ، وإن كان الإقرار بشيء واحد فالأصح ثبوت المقر به ، وفيه إشكال من جهة أن الشهادتين لم تتواردا على إقرار واحد ، فإن إقرار يوم الأحد لم يشهد به إلا واحدا وكذلك إقرار يوم الاثنين لم يشهد به إلا واحدا فلم تتوارد الشهادتان على إقرار واحد ، فيتأكد الظن بانضمام إحدى الشهادتين إلى الأخرى ، ولكن لما اتحد المقر به وقع القرار عليه ، وهذا لا يزيل الإشكال ; لأن الشاهدين لم يشهدا بالمقر به حتى يقال تواردت الشهادتان
[ ص: 46 ] عليه ، وإنما شهدا بلفظ ، وليس لفظه عين المشهود به ، فإن الخبر يغاير المخبر .
وقد يكون المقر كاذبا في إقراره وبحثه قول من منع الثبوت بمثل هذا .