في
تفاوت الأعمال مع تساويها باختلاف الأماكن والأزمان اعلم أن الأماكن والأزمان كلها متساوية ، ويفضلان بما يقع فيهما لا بصفات قائمة بهما ، ويرجع تفضيلهما إلى ما ينيل الله العباد فيهما من فضله وكرمه
[ ص: 45 ] فإن له أن يعاقب بغير كفر ولا عصيان ، ويتفضل بغير طاعة وإيمان ، وقد صح أنه ينشئ في الجنة أقواما وفي الجنة آخرين .
وكذلك من خلقه في الجنان من الحور العين . وتفضيل الأماكن والأزمان ضربان :
أحدهما دنيوي كتفضيل الربيع على غيره من الأزمان ، وكتفضيل بعض البلدان على بعض بما فيها من الأنهار والثمار وطيب الهواء وموافقة الأهواء .
الضرب الثاني : تفضل ديني راجع إلى أن الله يجود على عباده فيهما بتفضيل أجر العاملين كتفضيل صوم رمضان على صوم سائر الشهور
وكذلك يوم عاشوراء وعشر ذي الحجة ، ويوم الاثنين والخميس وشعبان وستة أيام من شوال ، فضلهما راجع إلى جود الله وإحسانه إلى عباده فيها ، وكذلك فضل الثلث الأخير من كل ليلة راجع إلى أن الله يعطي فيه من إجابة الدعوات والمغفرة وإعطاء السؤال ونيل المأمول ما لا يعطيه في الثلثين الأولين .
وكذلك اختصاص
عرفة بالوقوف فيها ،
ومنى بالرمي فيها ،
والصفا والمروة بالسعي فيهما ، مع القطع بتساوي الأماكن والأزمان ، وكذلك تفضيل
مكة على سائر البلدان .