المثال السادس :
حمل الصناعات على صناعة المثل في محلها ، فإذا استأجر الخياط لخياطة الكرباس الغليظ والبز الرفيع كالديبقي فإنه يحمل في كل واحدة منهما على مثله في العادة ، فلو خاط الديبقي خياطة الكرابيس لم يستحق شيئا تنزيلا للفظ منزلة التصريح بخياطة المثل .
وكذلك
الاستئجار على الأبنية يحمل في كل مبنى على البناء اللائق بمثله من حسن النظم والتأليف وغيرهما .
[ ص: 128 ]
وكذلك
الاستئجار على الطبخ والخبز يحمل على إنضاج المثل دون ما تجاوزه أو قصر عنه ، فإذا ترك الخبز في التنور على ما جرت العادة في مثله فاتفق أنه احترق لم يلزمه الضمان تنزيلا لمقتضى العرف منزلة صريح اللفظ ، ولو صرح له ذلك بلفظه لم يلزمه ضمان لأنه أتلفه بإذنه ، فكذلك الإتلاف بالإذن العرفي منزل منزلة الإتلاف بالإذن اللفظي .
وكذلك حمل
إجارة الدواب على اليسير المعتاد والمنازل المعتادة ، وكذلك دخول حمل الأمتعة والبسط وأواني الطعام والشراب في الإجارة على الدواب إذا استؤجرت للركوب في الأسفار لإطراد العرف بذلك ، بخلاف ما لو استؤجرت للتردد في القرى والأمصار .
وكذلك
دخول ماء الآبار والأنهار في عقود الإجارات وإن لم تشترط لاطراد العرف بتبعيته ، وكذلك حمل
إجارة الخدمة على ما يليق بالمستأجر المخدوم في رتبته ومنصبه وقدر حاله
واختلف في
وجوب الحبر على الناسخ ، والخيط على الخياط لاضطراب العرف فيه .
وكذلك
ما يستثنى من المنافع بحكم العرف كأوقات الصلاة ، وأوقات الأكل والشرب ، وقضاء الحاجات والليل فإنه مستثنى من مدة الاستئجار للخدمة ، إلا الأوقات التي جرت العادة بالاستخدام فيها فإن الألفاظ منزلة عليها كأنه صرح بها من جهة أن دلالة العرف عليها كدلالة اللفظ ، ونظير ذلك في العبادة خروج المعتكف من معتكفه في أوقات قضاء الحاجات ، حتى كأنه قال أعتكف شهرا إلا أوقات قضاء الحاجات .
وإذا وقعت الإجارة على مدة معينة كان عمل الأجير محمولا على المتوسط في العرف من غير خروج على العادة في التباطؤ والإسراع .