المثال السادس عشر : من تقديم الفاضل على المفضول : إذا
كان له عبدان أحدهما بر تقي والآخر فاجر شقي ، قدم إعتاق البر التقي على إعتاق الفاجر الشقي ، لأن الإحسان إلى الأبرار أفضل من الإحسان إلى الفجار .
وكذلك لو
كان أحد العبدين قريبا والآخر أجنبيا ، قدم القريب على الأجنبي لاشتمال عتقه على مصلحة الإعتاق وصلة الرحم ، فإن كان الأجنبي في غاية الصلاح في تقديم عتقه على عتق القريب الفاسق نظر . وقد قال الأصحاب إذا اشترى عبدا للإعتاق فليشتر المكدود والمجهود ، فإن إعتاقه أفضل من إعتاق المرفه لأن ما يدفعه عنه من ذل الرق وصعوبة الجهد والكد أفضل مما يدفعه من مجرد ذل الرق ، وكذلك لو اشترى عبدا للقنية ليدفع عنه الكد والجهد لأثيب على ذلك لما فيه من رفع المفسدة عن العبد . وكم في هذا وأمثاله من مثقال ذرة من الخير .