واعلم أن
الأصول أنواع أحدها . الخوف وهو ناشئ عن معرفة شدة الانتقام .
النوع الثاني : الرجاء وهو ناشئ عن معرفة الرحمة والإنعام .
النوع الثالث : التوكل وهو ناشئ عن معرفة تفرد الرب بالضر والنفع والخفض والرفع ، والعطاء والمنع ، والإعزاز والإذلال ، والإكثار والإقلال .
النوع الرابع :
المحبة ولها سببان أحدهما : معرفة إحسانه وعنها تنشأ محبة الإنعام والإفضال ، فإن القلوب مجبولة على حب من أنعم عليها وأحسن إليها فما الظن بمحبة من الإنعام كله منه والإحسان كله صادر عنه .
السبب الثاني : معرفة جماله وعنها تنشأ محبة الجلال وينبغي أن يكون كل واحد من المحبين أفضل من كل محبة إذ لا إفضال كإفضاله ، ولا جمال كجماله .
النوع الخامس : الحياء وهو ناشئ عن معرفة نظره إلينا واطلاعه علينا فمن حضرته هذه المعرفة استحيا من نظره إلينا واطلاعه علينا ، فلم يأت إلا بما يقربه إليه ويزلفه لديه ، ولا يأتي بما يبعده منه وينحيه عنه .
النوع السادس والسابع : المهابة والإجلال ومنشؤهما معرفة جلاله وكماله فينبغي أن تكون مهابته وإجلاله ، أعظم من كل مهابة وإجلال إذ لا إجلال كإجلاله ولا كمال ككماله .
[ ص: 214 ]
النوع الثامن : الفناء الناشئ عن الاستغراق ببعض هذه الأحوال وحقيقة الفناء غفلة وغيبة ، وفراغ القلب عن الأكوان إلا عن السبب المفني ، فمن فقد معرفة من هذه المعارف فقد ما يبتنى عليها من الأحوال ، وما يناسب تلك الأحوال من الأقوال والأعمال ، ومن دامت معارفه بهذه الصفات دامت له الأحوال الناشئة عنها والمستفادة منها ، وتتفاوت رتب القوم بتفاوت دوام المعارف والأحوال المبنية عليها ، وكذلك تتفاوت رتبهم بشرف الأحوال الناشئة عن المعارف المذكورة ، فمراتب الخائفين والراجين دون مراتب المحبين لتعلق أسباب الخوف والرجاء بالمخوف من الشرور ، والمرجو من الخيور وتتعلق المحبة بالإله .