فصل في بيان
حقيقة المصالح والمفاسد
المصالح أربعة أنواع : اللذات وأسبابها ، والأفراح وأسبابها . والمفاسد
[ ص: 12 ] أربعة أنواع : الآلام وأسبابها ، والغموم وأسبابها ، وهي منقسمة إلى دنيوية وأخروية ، فأما لذات الدنيا وأسبابها وأفراحها وآلامها وأسبابها ، وغمومها وأسبابها ، فمعلومة بالعادات ، ومن أفضل لذات الدنيا لذات المعارف وبعض الأحوال ، ولذات بعض الأفعال في حق الأنبياء والأبدال ، فليس من جعلت قرة عينه في الصلاة كمن جعلت الصلاة شاقة عليه ، وليس من يرتاح إلى إيتاء الزكاة كمن يبذلها وهو كاره لها ، وأما لذات الآخرة وأسبابها وأفراحها وأسبابها ، وآلامها وأسبابها وغمومها وأسبابها ، فقد دل عليه الوعيد ، والزجر والتهديد .
وأما اللذات فمثل قوله : {
وفيها ما تشتهيه الأنفس وتلذ الأعين } ، وقوله : {
يطاف عليهم بكأس من معين بيضاء لذة للشاربين } .
وأما الأفراح ففي مثل قوله تعالى : {
ولقاهم نضرة وسرورا } ، وقوله : {
فرحين بما آتاهم الله من فضله } .
وفي مثل قوله : {
يستبشرون بنعمة من الله وفضل } .
وأما الآلام ففي مثل قوله : {
ولهم عذاب أليم } ، وقوله : {
ويأتيه الموت من كل مكان وما هو بميت ومن ورائه عذاب غليظ } .
وأما الغموم ففي مثل قوله : {
كلما أرادوا أن يخرجوا منها من غم أعيدوا فيها } .