إذا تساوت المصالح مع تعذر الجمع تخيرنا في التقديم والتأخير للتنازع بين المتساويين ولذلك أمثلة : أحدها إذا
رأينا صائلا يصول على نفسين من المسلمين متساويين وعجزنا عن دفعه عنهما فإنا نتخير .
المثال الثاني : لو
رأينا من يصول على بضعين متساويين وعجزنا عن الدفع عنهما فإنا نتخير ، ولو
وجدنا من يقصد غلاما باللواط وامرأة بالزنا ففي هذا نظر وتأمل . فيجوز أن يدفع الزاني ، لأن مفاسد الزنا لا يتحقق
[ ص: 89 ] مثلها في اللواط ، ولأن العلماء اتفقوا على حد الزنا واختلفوا في حد اللائط ، ويجوز أن يبدأ بدفع اللائط لأن جنسه لم يحلل قط ، ولما فيه من إذلال الذكور وإبطال شهامتهم ، ويجوز أن يتخير في ذلك .
المثال الثالث : لو
رأينا من يصول على مالين متساويين لمسلمين معصومين متساويين تخيرنا .
المثال الرابع : إذا حجز الحاكم على المفلس وجبت التسوية بين الديون بالمحاصة فإن
كان الدين مائة وماله عشرة سوى بين الغرماء بإيصال كل منهم إلى عشر دينه .
المثال الخامس : إذا
مات وعليه دين لرجلين بحيث تضيق عنه التركة سوى بينهما في المحاصة ; إذ لا مزية لأحدهما على الآخر .
المثال السادس : إذا
حضر فقيران متساويان تخير في الدفع إلى أيهما شاء وفي الفض عليهما .
المثال السابع : إذا
حضرت أضحيتان متساويتان تخير بينهما فإن تفاوتت بدأ بأفضلهما ، ووقع في الفتاوى فيمن كانت عنده مهرية تساوي ألفا ، وعشرة أينق تساوي ألفا ، فالتضحية بأيهما أفضل ؟ فكان الجواب أن التضحية بالأينق أولى لما فيها من تعميم الإقاتة والنفع ، وفضيلة المهرية تفوت بذبحها بخلاف عتق أنفس الرقبتين وأغلاها ثمنا عند أهلها ، لأن شرف المخرج يختلف باختلاف مشرفه ; فإخراج أشراف المال أحسن في الطواعية ; لأن الهدايا تعظيم المهدى إليه وأفضل الهدايا أنفسها .
وكذلك لو أراد أن يشتري حصانا يساوي ألفا بألف ويذبحه ويتصدق بلحمه ، وأن يشتري بالألف ألف شاة ويتصدق بلحمها فلا شك أن التصدق
[ ص: 90 ] بلحوم الشياه أفضل لكثرة ما يحصله من المقاصد والمنافع ; ولأن فضيلة الحصان تفوت بذبحه من غير أن يحصل إلى الفقراء منها شيء .
المثال الثامن : إذا
ملك نفقة زوجه وله زوجتان متساويتان سوى بينهما .
المثال التاسع : إذا
كان له ابنان متساويان من كل وجه ولا يقدر إلا على نفقة أحدهما فليوزعها بينهما .
المثال العاشر : إذا
اجتمع عليه دينان متساويان ولا يقدر إلا على أحدهما ، فالأولى أن يفضه على مالكيهما وإن قدم أحدهما على الآخر جاز .
المثال الحادي عشر : لو
دعي الشاهد في وقت واحد إلى شهادة بحقين متساويين تخير في إجابة من شاء من الداعين ، وإذا اختلف الحقان فإن خيف فوات أحدهما وأمن فوات الآخر وجب البدار إلى ما يخشى فواته وإن لم يخف ذلك تخير .