المثال السابع : لو
وجد المضطر من يحل قتله كالحربي والزاني المحصن وقاطع الطريق الذي تحتم قتله واللائط والمصر ، على ترك الصلاة ، جاز له ذبحهم وأكلهم إذا لا حرمة لحياتهم لأنها مستحقة الإزالة ، فكانت المفسدة في زوالها أقل من المفسدة في فوات حياة المعصوم ، ولك أن تقول في هذا وما شابهه جاز ذلك تحصلا لأعلى المصلحتين أو دفعا لأعظم المفسدتين . فتقول : جاز
التداوي بالنجاسات إذا لم يجد طاهرا يقوم مقامها ، لأن مصلحة العافية والسلامة أكمل من مصلحة اجتناب النجاسة ، ولا يجوز
التداوي بالخمر على الأصح إلا إذا علم أن الشفاء يحصل بها ، ولم يجد دواء غيرها ، ومثله قطع السلعة التي يخشى على النفس من بقائها .
فإن قيل .
قد أجزتم قلع الضرس إذا اشتد ألمه ولم تجوزوا قطع العضو إذا اشتد ألمه ؟ قلنا الفرق بينهما من وجهين أحدهما : أن قطع العضو مفوت لأصل الانتفاع به ، وقلع الضرس مفوت لتكميل الانتفاع فإن غيره من الأضراس والأسنان يقوم مقامه .
والثاني : أن قلع الضرس لا سراية له إلى الروح بخلاف قطع العضو .
فإن قيل : لم التزم في صلح
الحديبية إدخال الضيم على المسلمين وإعطاء الدنية في الدين ؟ قلنا : التزم ذلك دفعا لمفاسد عظيمة وهي قتل المؤمنين والمؤمنات الذين كانوا
بمكة لا يعرفهم أهل
الحديبية وفي قتلهم معرة عظيمة على المؤمنين ، فاقتضت المصلحة إيقاع الصلح على أن يرد إلى الكفار من جاء منهم إلى المؤمنين وذلك أهون من قتل المؤمنين الخاملين ، مع أن الله
[ ص: 96 ] عز وجل علم أن في تأخير القتال مصلحة عظيمة وهي إسلام جماعة من الكافرين وكذلك قال : {
ليدخل الله في رحمته من يشاء } أي في ملته التي هي أفضل رحمته وكذلك قال : {
لو تزيلوا لعذبنا الذين كفروا } أي لو تفرق بين المؤمنين والكافرين وتميز بعضهم من بعض لعذبنا الذين كفروا بالقتل والسبي منهم عذابا أليما .