صفحة جزء
وصفة عامل الفيء مع وجود أمانته وشهامته تختلف بحسب اختلاف ولايته فيه : هي تنقسم ثلاثة أقسام :

القسم الأول : أحدها أن يتولى تقدير أموال الفيء وتقدير وضعها في الجهات المستحقة منها كوضع الخراج والجزية فمن شروط ولاية هذا العامل أن يكون حرا مسلما مجتهدا في أحكام الشريعة مضطلعا بالحساب والمساحة .

والقسم الثاني : أن يكون عام الولاية على جباية ما استقر من أموال الفيء كلها فالمعتبر في صحة ولايته شروط الإسلام والحرية والاضطلاع بالحساب والمساحة ، ولا يعتبر أن يكون فقيها مجتهدا لأنه يتولى قبض ما استقر بوضع غيره .

والقسم الثالث : أن يكون خاص الولاية على نوع من أموال الفيء خاص فيعتبر ما وليه منها ، فإن لم يستغن فيه عن استنابة اعتبر فيه الإسلام والحرية مع اضطلاعه بشروط ما ولي من مساحة أو حساب ، ولم يجز أن يكون ذميا ولا عبدا ، لأن فيها ولاية وإن استغنى عن الاستنابة جاز أن يكون عبدا لأنه كالرسول المأمور وأما كونه ذميا فينظر فيما رد إليه من مال الفيء ، فإن كانت معاملته فيه مع أهل الذمة كالجزية وأخذ العشر من أموالهم ; جاز أن يكون ذميا ، وإن كانت معاملته فيه مع المسلمين كالخراج الموضوع على رقاب الأرضين إذا صارت في أيدي المسلمين ففي جواز كونه ذميا وجهان .

وإذا بطلت ولاية العامل فقبض مال الفيء مع فساد ولايته برئ الدافع مما عليه إذا لم ينهه عن القبض ، لأن القابض منه مأذون له وإن فسدت ولايته وجرى في القبض مجرى الرسول ، ويكون الفرق بين صحة ولايته وفسادها أن له الإجبار على الدفع مع صحة الولاية وله الإجبار مع فسادها ، فإن نهي عن القبض مع [ ص: 167 ] فساد ولايته لم يكن له القبض ولا الإجبار ولم يبرأ الدافع بالدفع إليه إذا علم بنهيه وفي براءته إذا لم يعلم بالنهي وجهان كالوكيل .

التالي السابق


الخدمات العلمية