وأما
الخراج ; فهو ما وضع على رقاب الأرض من حقوق تؤدى عنها وفيه من نص الكتاب بينة خالفت نص الجزية فلذلك كان موقوفا على اجتهاد الأئمة ، قال الله تعالى : {
أم تسألهم خرجا فخراج ربك خير } . وفي قوله {
أم تسألهم خرجا } وجهان : أحدهما أجرا .
والثاني نفعا وفي قوله {
فخراج ربك خير } وجهان : أحدهما فرزق ربك في الدنيا خير منه وهذا قول
nindex.php?page=showalam&ids=15097الكلبي والثاني فأجر ربك في الآخرة خير منه ، وهذا قول
nindex.php?page=showalam&ids=15097الكلبي أيضا وقوله فأجر ربك في الآخرة خير منه ; هذا قول
الحسن أيضا قال
nindex.php?page=showalam&ids=12114أبو عمرو بن العلاء : والفرق بين الخرج والخراج أن الخرج من الرقاب والخراج من
[ ص: 187 ] الأرض ، والخراج في لغة
العرب اسم للكراء والغلة ومنه قول النبي صلى الله عليه وسلم : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=14150الخراج بالضمان } .
وأرض الخراج تتميز عن أرض العشر في الملك والحكم .
والأرضون كلها تنقسم أربعة أقسام : أحدها ما استأنف المسلمون إحياءه فهو أرض عشر لا يجوز أن يوضع عليها خراج ; والكلام فيها يذكر في إحياء الموات من كتابنا هذا .
والقسم الثاني : ما أسلم عليه أربابه فهم أحق به ، فتكون على مذهب
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي رحمه الله أرض عشر ولا يجوز أن يوضع عليها خراج .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=11990أبو حنيفة الإمام مخير بين أن يجعلها خراجا أو عشرا ، فإن جعلها خراجا لم يجز أن تنقل إلى العشر ، وإن جعلها عشرا جاز أن تنقل إلى الخراج .
والقسم الثالث :
ما ملك من المشركين عنوة وقهرا ، فيكون على مذهب
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي رحمه الله غنيمة تقسم بين الغانمين وتكون أرض عشر لا يجوز أن يوضع عليها خراج ، وجعلها
nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك وقفا على المسلمين بخراج يوضع عليها .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=11990أبو حنيفة يكون الإمام مخيرا بين الأمرين .
والقسم الرابع
ما صولح عليه المشركون من أرضهم فهي الأرض المختصة بوضع الخراج عليها وهي على ضربين :
أحدهما : ما خلا عنها أهلها فحصلت للمسلمين بغير قتال فتصير وقفا على مصالح المسلمين ويضرب عليها الخراج ويكون أجرة تقر على الأبد وإن لم يقدر بمدة لما فيها من عموم المصلحة ولا يتغير بإسلام ولا ذمة ، ولا يجوز بيع رقابها اعتبارا لحكم الوقوف .
والضرب الثاني :
ما أقام فيه أهله وصولحوا على إقراره في أيديهم بخراج يضرب عليهم فهذا على ضربين : أحدهما أن ينزلوا عن ملكها لنا عند صلحنا فتصير هذه الأرض وقفا على المسلمين كالذي انجلى عنه أهله ، ويكون الخراج المضروب عليهم أجرة لا تسقط بإسلامهم ولا يجوز لهم بيع رقابها ، ويكونون أحق بها ما أقاموا على
[ ص: 188 ] صلحهم ولا تنتزع من أيديهم سواء أقاموا على شركهم أم أسلموا كما لا تنتزع الأرض المستأجرة من يد مستأجرها ، ولا يسقط عنهم بهذا الخراج جزية رقابهم إن صاروا أهل ذمة مستوطنين ، وإن لم ينتقلوا إلى الذمة وأقاموا على حكم العهد لم يجز أن يقروا فيها سنة وجاز إقرارهم فيها دونها بغير جزية .
والضرب الثاني : أن يستبقوها على أملاكهم ولا ينزلوا عن رقابها ويصالحوا عنها بخراج يوضع عليها ، فهذا الخراج جزية تؤخذ منهم ما أقاموا على شركهم وتسقط عنهم بإسلامهم ويجوز أن لا يؤخذ منهم جزية رقابهم ، ويجوز لهم بيع هذه الأرض على من شاءوا منهم أو من المسلمين أو من
أهل الذمة ، فإن تبايعوها فيما بينهم كانت على حكمها في الخراج وإن بيعت على مسلم سقط عنه خراجها وإن بيعت على ذمي احتمل أن لا يسقط عنه خراجها لبقاء كفره ، واحتمل أن يسقط عنه خراجها بخروجه بالذمة عن عقده من صولح عليها ، ثم ينظر في هذا الخراج الموضوع عليها ، فإن وضع على مسائح الجربان بأن يؤخذ من كل جريب قدر من ورق أو حب ، فإن سقط عن بعضها بإسلام أهله كان ما بقي على حكمه ولا يضم إليه خراج ما سقط بالإسلام .
وإن كان الخراج الموضوع عليها صلحا على مال مقدر لم يسقط على مساحة الجربان ، فمذهب
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي أنه يحط عنهم من مال الصلح ما سقط منه بإسلام أهله وقال
nindex.php?page=showalam&ids=11990أبو حنيفة يكون مال الصلح باقيا بكماله ولا يسقط عن هذا المسلم ما خصه بإسلامه