( فصل ) وأما
ترتيبهم في الديوان إذا أثبتوا فيه فمعتبر من وجهين : أحدهما عام والأخر خاص . فأما العام فهو ترتيب القبائل والأجناس حتى تتميز كل قبيلة عن غيرها ، وكل جنس عمن خالفه ، فلا يجمع فيه بين المختلفين ولا يفرق به بين المتفقين ; لتكون دعوة الديوان على نسق واحد معروف بالنسب يزول به التنازع والتجاذب ، وإذا كان هكذا لم يخل حالهم من أن يكونوا عربا أو عجما ، فإن كانوا عربا تجمعهم أنساب وتفرق بينهم أنساب ترتيب قبائلهم بالقربى من رسول الله صلى الله عليه وسلم كما فعل
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر رضي الله عنه حين دونهم .
فيبدأ بالترتيب في أصل النسب ثم بما يتفرع عنه فالعرب
عدنان وقحطان ، فتقدم
عدنان على
قحطان لأن النبوة فيهم ،
وعدنان يجمع
ربيعة ومضر ، فتقدم
مضر على
ربيعة لأن النبوة فيهم ،
ومضر يجمع
قريشا وغير
قريش فتقدم
قريش لأن النبوة فيهم ،
وقريش يجمع
بني هاشم وغيرهم ، فتقدم
بنو هاشم لأن النبوة فيهم فيكون
بنو هاشم قطب الترتيب ثم بمن يليهم من أقرب الأنساب إليهم يستوعب
قريشا ، ثم بمن يليهم في النسب حتى يستوعب جميع
مضر ، ثم بمن يليهم في النسب حتى يستوعب جميع
عدنان . وقد رتب أنساب
العرب ستة مراتب ، فجعلت طبقات أنسابهم هي : شعب ، ثم قبيلة ، ثم عمارة ، ثم بطن ، ثم فخذ ، ثم فصيلة . فالشعب النسب الأبعد مثل
عدنان وقحطان ، سمي شعبا ; لأن القبائل منه تشعبت ، ثم القبيلة ، وهي ما انقسمت فيها أنساب الشعب مثل
ربيعة ومضر ، سميت قبيلة لتقابل الأنساب فيها . ثم العمارة ، وهي ما انقسمت فيها أنساب القبائل مثل
قريش وكنانة . ثم البطن ، وهو ما انقصمت فيه أنساب العمارة مثل
بني عبد مناف وبني مخزوم . ثم الفخذ وهو ما انقسمت فيه أنساب البطن مثل
[ ص: 256 ] بني هاشم وبني أمية . ثم الفصيلة وهي ما انقسمت فيها أنساب الفخذ مثل
بني أبي طالب وبني العباس ، فالفخذ يجمع الفصائل ، والبطن يجمع الأفخاذ ، والعمارة تجمع البطون ، والقبيلة تجمع العمائر ، والشعب يجمع القبائل ، وإذا تباعدت الأنساب صارت القبائل شعوبا والعمائر قبائل .
وإن كانوا عجما لا يجتمعون على نسب فالذي يجمعهم عند فقد النسب أمران : إما أجناس وإما بلاد ، فالمتميزون بالأجناس
كالترك والهند ثم يميز
الترك أجناسا
والهند أجناسا والمتميزون بالبلاد
كالديلم والجبل : ثم يتميز
الديلم بلدانا
والجبل بلدانا . وإذا تميزوا بالأجناس أو البلدان ، فإن كانت لهم سابقة في الإسلام ترتبوا عليها في الديوان ، وإن لم تكن لهم سابقة ترتبوا بالقرب من ولي الأمر ، فإن تساووا فبالسبق إلى طاعته .
وأما الترتيب الخاص فهو ترتيب الواحد بعد الواحد يرتب بالسابقة في الإسلام ، فإن تكافئوا في السابقة ترتبوا بالدين ، فإن تقاربوا فيه ترتبوا بالسن ، فإن تقاربوا فيها ترتبوا بالشجاعة ، فإن تقاربوا فيها فولي الأمر بالخيار بين أن يرتبهم بالقرعة أو يرتبهم عن رأيه واجتهاده .