[ ص: 5 ] الإمامة موضوعة لخلافة النبوة في حراسة الدين وسياسة الدنيا ،
وعقدها لمن يقوم بها في الأمة واجب بالإجماع وإن شذ عنهم
الأصم ،
واختلف في وجوبها هل وجبت بالعقل أو بالشرع ؟ فقالت طائفة وجبت بالعقل لما في طباع العقلاء من التسليم لزعيم يمنعهم من التظالم ويفصل بينهم في التنازع والتخاصم ، ولولا الولاة لكانوا فوضى مهملين ، وهمجا مضاعين ، وقد قال
الأفوه الأودي وهو شاعر جاهلي ( من البسيط ) :
لا يصلح الناس فوضى لا سراة لهم ولا سراة إذا جهالهم سادوا
وقالت طائفة أخرى : بل وجبت بالشرع دون العقل ، لأن الإمام يقوم بأمور شرعية قد كان مجوزا في العقل أن لا يرد التعبد بها ، فلم يكن العقل موجبا لها ، وإنما أوجب العقل أن يمنع كل واحد نفسه من العقلاء عن التظالم والتقاطع ، ويأخذ بمقتضى العدل في التناصف والتواصل ، فيتدبر بعقله لا بعقل غيره ، ولكن جاء الشرع بتفويض الأمور إلى وليه في الدين ، قال الله عز وجل : {
يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم } .
ففرض علينا
طاعة أولي الأمر فينا وهم الأئمة المتأمرون علينا .
وروى
nindex.php?page=showalam&ids=17245هشام بن عروة عن
أبي صالح عن
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :
[ ص: 6 ] {
سيليكم بعدي ولاة فيليكم البر ببره ، ويليكم الفاجر بفجوره ، فاسمعوا لهم وأطيعوا في كل ما وافق الحق ، فإن أحسنوا فلكم ولهم ، وإن أساءوا فلكم وعليهم } .