[ ص: 105 ] والفرق بين نظر المظالم ونظر القضاة من عشرة أوجه : أحدها أن لناظر المظالم من فضل الهيبة وقوة اليد ما ليس للقضاة في كف الخصوم عن التجاحد ومنع الظلمة من التغالب والتجاذب .
والثاني : أن نظر المظالم يخرج من ضيق الوجوب إلى سعة الجواز فيكون الناظر فيه أفسح مجالا وأوسع مقالا .
والثالث : أنه يستعمل من فضل الإرهاب وكشف الأسباب بالأمارات الدالة وشواهد الأحوال اللائحة ما يضيق على الحكام فيصل به إلى ظهور الحق ومعرفة المبطل من المحق .
والرابع : أن يقابل من ظهر ظلمه بالتأديب ويأخذ من بان عدوانه بالتقويم والتهذيب .
والخامس : أن له من التأني في ترداد الخصوم عند اشتباه أمورهم واستبهام حقوقهم ، ليمعن في الكشف عن أسبابهم وأحوالهم ما ليس للحكام إذا سألهم أحد الخصمين فصل الحكم فلا يسوغ أن يؤخره الحاكم ويسوغ أن يؤخره والي المظالم .
والسادس : أن له رد الخصوم إذا أعضلوا وساطة الأمناء ليفصلوا التنازع بينهم صلحا عن تراض ، وليس للقاضي ذلك إلا عن رضي الخصمين بالرد .
والسابع : أن يفسح في ملازمة الخصمين إذا وضحت أمارات التجاحد ويأذن في إلزام الكفالة فيما يسوغ فيه التكفل لينقاد الخصوم إلى التناصف ويعدلوا عن التجاحد والتكاذب .
والثامن : أنه يسمع من شهادات المستورين ما يخرج عن عرف القضاة في شهادة المعدلين .
والتاسع : أنه يجوز له إحلاف الشهود عند ارتيابه بهم إذا بدلوا أيمانهم طوعا ويستكثر من عددهم ليزول عنه الشك وينفي عنه الارتياب ; وليس ذلك للحاكم .
والعاشر : أنه يجوز أن يبتدئ باستدعاء الشهود ويسألهم عما عندهم في تنازع الخصوم ، وعادة القضاة تكليف المدعي إحضار بينة ولا يسمعونها إلا بعد مسألته ; فهذه عشرة أوجه يقع بها
الفرق بين نظر المظالم ونظر القضاء في التشاجر والتنازع وهما فيما عداهما متساويان ، وسنوضح من تفصيلهما ما نبين به إطلاق ما بينهما من هذه الفروق إن شاء الله تعالى .