قال هناد -وهو ابن السري- : ويأتيه ملكان فيجلسانه فيقولان له : من ربك ؟ فيقول : ربي الله . فيقولان له : ما دينك ؟ فيقول : ديني الإسلام، فيقولان له : ما هذا الرجل الذي بعث فيكم ؟ قال : فيقول : هو رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فيقولان له : وما يدريك ؟ فيقول : قرأت كتاب الله فآمنت به وصدقت ، زاد في حديث nindex.php?page=showalam&ids=97جرير : فذلك قول الله عز وجل يثبت الله الذين آمنوا الآية .
ثم اتفقا -يعني جرير بن عبد الحميد وأبا معاوية الضرير- قال : فينادي مناد من السماء أن قد صدق عبدي ، فأفرشوه من الجنة ، وافتحوا له بابا إلى الجنة ، وألبسوه من الجنة ، قال : فيأتيه من روحها وطيبها ، قال : ويفتح له فيها مد بصره .
قال : وإن الكافر - فذكر موته - ، قال : وتعاد روحه في جسده ، ويأتيه ملكان، فيجلسانه فيقولان : من ربك ؟ فيقول : هاه هاه لا أدري ، فيقولان له : ما دينك ؟ فيقول : هاه هاه لا أدري، فيقولان : ما هذا الرجل الذي بعث فيكم ؟ فيقول : هاه هاه لا أدري، فينادي مناد من السماء، أن كذب عبدي، فأفرشوه من النار ، وألبسوه من [ ص: 320 ] النار ، وافتحوا له بابا إلى النار.
قال : فيأتيه من حرها وسمومها ، قال : ويضيق عليه قبره حتى تختلف فيه أضلاعه ، زاد في حديث nindex.php?page=showalam&ids=97جرير قال : ثم يقيض له أعمى أبكم معه مرزبة من حديد، لو ضرب بها جبل لصار ترابا ، قال : فيضربه بها ضربة يسمعها ما بين المشرق والمغرب إلا الثقلين ، فيصير ترابا، قال : ثم تعاد فيه الروح .
وأخرجه nindex.php?page=showalam&ids=15397النسائي nindex.php?page=showalam&ids=13478وابن ماجه مختصرا، وقد تقدم في كتاب الجنائز مختصرا .
وفي إسناده المنهال بن عمرو، وقد أخرج له nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري في "صحيحه " حديثا واحدا، وقال nindex.php?page=showalam&ids=17336يحيى بن معين: ثقة، وقال nindex.php?page=showalam&ids=12251الإمام أحمد: تركه nindex.php?page=showalam&ids=16102شعبة على عمد، وغمزه يحيى بن سعيد، وحكى عن شعبة، أنه تركه ، وقال ابن عدي : والمنهال بن عمرو هو صاحب حديث القبر- الحديث الطويل-، رواه [ ص: 321 ] عن nindex.php?page=showalam&ids=15910زاذان عن nindex.php?page=showalam&ids=48البراء، ورواه عن منهال جماعة.
قال ابن القيم رحمه الله: وقال أبو حاتم البستي: خبر nindex.php?page=showalam&ids=13726الأعمش، عن المنهال بن عمرو، عن nindex.php?page=showalam&ids=15910زاذان، عن nindex.php?page=showalam&ids=48البراء سمعه nindex.php?page=showalam&ids=13726الأعمش، عن الحسن بن عمارة، عن المنهال بن عمرو، وزاذان لم يسمع من nindex.php?page=showalam&ids=48البراء، فلذلك لم أخرجه.
فذكر له علتين: انقطاعه بين nindex.php?page=showalam&ids=15910زاذان nindex.php?page=showalam&ids=48والبراء، ودخول الحسن بن عمارة بين nindex.php?page=showalam&ids=13726الأعمش والمنهال.
ولم أعلم أحدا طعن في هذا الحديث إلا أبا حاتم البستي وابن حزم، ومجموع ما ذكراه ثلاث علل: إحداها: ضعف nindex.php?page=showalam&ids=15342المنهال، والثانية : أن nindex.php?page=showalam&ids=13726الأعمش لم يسمعه من nindex.php?page=showalam&ids=15342المنهال، والثالثة: أن زاذان لم يسمعه من nindex.php?page=showalam&ids=48البراء. وهذه علل واهية جدا.
[ ص: 322 ] فأما المنهال بن عمرو: فروى له nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري في "صحيحه"، وقال nindex.php?page=showalam&ids=17336يحيى بن معين nindex.php?page=showalam&ids=15397والنسائي: nindex.php?page=showalam&ids=15342المنهال ثقة، وقال nindex.php?page=showalam&ids=14269الدارقطني: صدوق، وذكره nindex.php?page=showalam&ids=13053ابن حبان في "الثقات".
والذي اعتمده nindex.php?page=showalam&ids=13064أبو محمد بن حزم في تضعيفه: أن nindex.php?page=showalam&ids=11970ابن أبي حاتم حكى عن nindex.php?page=showalam&ids=16102شعبة، أنه تركه، وحكاه nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد، عن nindex.php?page=showalam&ids=16102شعبة. وهذا لو لم نذكر سبب تركه، لم يكن موجبا لتضعيفه; لأن مجرد ترك شعبة له لا يدل على ضعفه، فكيف وقد قال nindex.php?page=showalam&ids=11970ابن أبي حاتم: إنما تركه شعبة، لأنه سمع في داره صوت قراءة بالتطريب.
وروى عن nindex.php?page=showalam&ids=16102شعبة قال: أتيت منزل nindex.php?page=showalam&ids=15342المنهال، فسمعت صوت الطنبور فرجعت.
فهذا سبب جرحه، ومعلوم أن شيئا من هذا لا يقدح في روايته، لأن غايته أن يكون عالما به مختارا له، ولعله متأول فيه، فكيف وقد يمكن أن لا يكون ذلك بحضوره، ولا إذنه ولا علمه؟! وبالجملة: فلا يرد حديث الثقات بهذا وأمثاله.
وأما العلة الثانية: وهي أن بين nindex.php?page=showalam&ids=13726الأعمش فيه وبين nindex.php?page=showalam&ids=15342المنهال: الحسن بن [ ص: 323 ] عمارة - فجوابها: أنه قد رواه، عن nindex.php?page=showalam&ids=15342المنهال جماعة، كما قاله ابن عدي; فرواه عبد الرزاق، عن nindex.php?page=showalam&ids=17124معمر، عن يونس بن حباب، عن nindex.php?page=showalam&ids=15342المنهال، ورواه nindex.php?page=showalam&ids=15744حماد بن سلمة، عن يونس، عن nindex.php?page=showalam&ids=15342المنهال فبطلت العلة من جهة الحسن بن عمارة، ولم يضر دخول الحسن شيئا.
وأما العلة الثالثة: وهي أن nindex.php?page=showalam&ids=15910زاذان لم يسمعه من nindex.php?page=showalam&ids=48البراء، فجوابها: من وجهين:
أحدهما: أن nindex.php?page=showalam&ids=12119أبا عوانة الإسفراييني رواه في "صحيحه"، وصرح فيه بسماع nindex.php?page=showalam&ids=15910زاذان له من nindex.php?page=showalam&ids=48البراء فقال: "سمعت nindex.php?page=showalam&ids=48البراء بن عازب" فذكره.
[ ص: 324 ] والثاني: أن nindex.php?page=showalam&ids=13563ابن منده رواه عن الأصم: حدثنا الصنعاني، حدثنا أبو النضر، حدثنا عيسى بن المسيب، عن nindex.php?page=showalam&ids=16558عدي بن ثابت، عن nindex.php?page=showalam&ids=48البراء - فذكره.
فهذا عدي [ق258] بن ثابت قد تابع nindex.php?page=showalam&ids=15910زاذان. قال nindex.php?page=showalam&ids=13563ابن منده: ورواه nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد بن حنبل، nindex.php?page=showalam&ids=17052ومحمود بن غيلان، وغيرهما، عن أبي النضر.
ورواه nindex.php?page=showalam&ids=13563ابن منده أيضا من طريق محمد بن سلمة، عن خصيف الجزري، عن nindex.php?page=showalam&ids=16879مجاهد، عن nindex.php?page=showalam&ids=48البراء.
قال أبو موسى الأصبهاني: "هذا حديث حسن مشهور بالمنهال، عن nindex.php?page=showalam&ids=15910زاذان، وصححه nindex.php?page=showalam&ids=12180أبو نعيم والحاكم وغيرهما.
[ ص: 325 ] وأما ما ظنه nindex.php?page=showalam&ids=13064أبو محمد بن حزم من معارضة هذا الحديث لقوله تعالى : كيف تكفرون بالله وكنتم أمواتا فأحياكم الآية، وأنهما حياتان وموتتان لا غير.
فجوابه: أنه ليس في الحديث أنه يحيا حياة مستقرة في قبره، والحياتان المذكورتان في الآية: هما اللتان ذكرا في قوله تعالى : قالوا ربنا أمتنا اثنتين وأحييتنا اثنتين ، وهاتان حياتان مستقرتان، وأما رد الروح إليه في البرزخ للسؤال، فرد عارض لا يتصل به حياة تعد حياة ثالثة، فلا معارضة بين الحديث والقرآن بوجه من الوجوه، وبالله التوفيق.
[ ص: 334 ] قال: وإن الكافر إذا أتي من قبل رأسه لم يوجد شيء، ثم أتي، عن يمينه فلا يوجد شيء، ثم أتي، عن شماله فلا يوجد شيء، ثم أتي من قبل رجليه، فلا يوجد شيء، فيقال له: اجلس، فيجلس خائفا مرعوبا، فيقال له: أرأيتك هذا الرجل الذي كان فيكم ماذا تقول فيه ؟ وماذا تشهد به عليه ؟ فيقول: أي رجل ؟ فيقال: الذي كان فيكم، فلا يهتدي لاسمه، حتى يقال له: محمد، فيقول: ما أدري، سمعت الناس قالوا قولا، فقلت كما قال الناس، فيقال له: على ذلك حييت، وعلى ذلك مت، وعلى ذلك تبعث إن شاء الله.
ثم يفتح له باب من أبواب النار، فيقال له: هذا مقعدك من النار، وما أعد الله لك فيها، فيزداد حسرة وثبورا، ثم يفتح له باب من أبواب الجنة [ق260] ، فيقال له : ذلك مقعدك من الجنة، وما أعد الله لك فيها لو أطعته، فيزداد حسرة وثبورا، ثم يضيق عليه قبره، حتى تختلف فيه أضلاعه، وتلك المعيشة الضنك التي قال الله عز وجل : فإن له معيشة ضنكا ونحشره يوم القيامة أعمى .