قال ابن القيم رحمه الله: ومن تأمل الأحاديث الواردة في هذا الباب حق التأمل جزم جزما لا ريب فيه: أن النبي صلى الله عليه وسلم أحرم في حجته قارنا، ولا تحتمل الأحاديث غير ذلك بوجه من الوجوه أصلا.
قال nindex.php?page=showalam&ids=12251الإمام أحمد: لا أشك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان قارنا. تم كلامه.
وقد روى عنه ذلك خمسة عشر من أصحابه، وهم: عمر بن [ ص: 312 ] الخطاب، nindex.php?page=showalam&ids=8وعلي بن أبي طالب، nindex.php?page=showalam&ids=25وعائشة أم المؤمنين، nindex.php?page=showalam&ids=12وعبد الله بن عمر، nindex.php?page=showalam&ids=36وجابر بن عبد الله، nindex.php?page=showalam&ids=11وعبد الله بن عباس، nindex.php?page=showalam&ids=40وعمران بن حصين، nindex.php?page=showalam&ids=48والبراء بن عازب، nindex.php?page=showalam&ids=41وحفصة أم المؤمنين، nindex.php?page=showalam&ids=9وأنس بن مالك، وأبو قتادة، وابن أبي أوفى، فهؤلاء صحت عنهم الرواية بغاية البيان والتصريح.
ورواه nindex.php?page=showalam&ids=8840الهرماس بن زياد، وسراقة بن مالك، وأبو طلحة، nindex.php?page=showalam&ids=54وأم سلمة. لكن روت nindex.php?page=showalam&ids=54أم سلمة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر أهله بالقران .
ومنهم من أخبر عن خبره صلى الله عليه وسلم عن نفسه، بأنه كان قارنا، وهم البراء بن [ ص: 313 ] عازب، فإنه روى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، لفظه، أنه قال nindex.php?page=showalam&ids=8لعلي: nindex.php?page=hadith&LINKID=3502738إني سقت الهدي وقرنت وهو حديث صحيح رواه أهل "السنن".
ومنهم من أخبر عنه صلى الله عليه وسلم باللفظ الذي أمر به من ربه، وهو أن يقول: nindex.php?page=hadith&LINKID=651436عمرة في حجة كعمر بن الخطاب. وحمل ذلك على أنه أمر بتعليمه، كلام في غاية البطلان. ومن تأمل سياق الحديث ولفظه ومقصوده، علم بطلان هذا التأويل الفاسد.
وقولهم: يحتمل أن يريد به أنه يحرم بعمرة إذا فرغ من حجته قبل أن يرجع إلى منزله، فعياذا بالله من تقليد يوقع في مثل هذه الخيالات الباطلة! فمن المعلوم بالضرورة أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يعتمر بعد حجته قط، هذا ما لا يشك فيه من له أدنى إلمام بالعلم، وهو صلى الله عليه وسلم أحق الخلق بامتثال أمر ربه، فلو كان أمر أن يعتمر بعد الحج كان أولى الخلق بالمبادرة إلى ذلك، ولا ريب أنه صلى الله عليه وسلم اعتمر مع حجته، فكانت عمرته مع الحج لا بعده قطعا. ونصرة الأقوال [ ص: 314 ] إذا أفضت بالرجل إلى هذا الحد ظهر قبحها وفسادها.
وقولهم: محمول على تحصيلهما معا. قلنا: أجل، وقد حصلهما صلى الله عليه وسلم جميعا بالقران، على الوجه الذي أخبر به عن نفسه، وتبعه أصحابه، من إهلاله.
واتفق ستة عشر نفسا من الثقات عن nindex.php?page=showalam&ids=9أنس: nindex.php?page=hadith&LINKID=710646أن النبي صلى الله عليه وسلم أهل بهما جميعا ، وهم: nindex.php?page=showalam&ids=14102الحسن البصري، وأبو قلابة، وحميد بن هلال، وحميد بن عبد الرحمن الطويل، nindex.php?page=showalam&ids=16815وقتادة، nindex.php?page=showalam&ids=17314ويحيى بن سعيد الأنصاري، nindex.php?page=showalam&ids=15603وثابت البناني، وبكر بن عبد الله المزني، nindex.php?page=showalam&ids=16377وعبد العزيز بن صهيب، وسليمان التيمي، ويحيى بن أبي إسحاق، nindex.php?page=showalam&ids=15944وزيد بن أسلم، ومصعب بن سليم، وأبو أسماء، وأبو قدامة، وأبو قزعة الباهلي.
وروى nindex.php?page=showalam&ids=13863البزار من حديث ابن أبي أوفى قال: إنما جمع رسول الله صلى الله عليه وسلم بين الحج والعمرة لأنه علم أنه لا يحج بعد عامه ذلك .
وروى nindex.php?page=showalam&ids=13890أبو القاسم البغوي من حديث nindex.php?page=showalam&ids=16008سفيان بن عيينة، عن ابن أبي [ ص: 316 ] خالد: أنه سمع عبد الله بن أبي قتادة [عن أبيه] يقول: إنما جمع رسول الله صلى الله عليه وسلم بين الحج والعمرة لأنه علم أنه لا يحج بعدها .
ورواه nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم عن قتيبة، عن nindex.php?page=showalam&ids=15124الليث، عن nindex.php?page=showalam&ids=17191نافع، عن nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر.
ومن قال: أفرد الحج، لم يقل أفرد إهلال الحج وإنما مراده أنه اقتصر على أعمال الحج ودخلت عمرته في حجه، فلم يفرد كل واحد من النسكين بعمل، ولهذا أخبر أيضا أنه قرن، فعلم أن مراده بالإفراد ما ذكرنا.
ومن قال: "تمتع" أراد به التمتع العام الذي يدخل فيه القران بنص القرآن، في قوله تعالى: فمن تمتع بالعمرة إلى الحج فما استيسر من الهدي والقارن داخل في هذا النص، فتمتع صلى الله عليه وسلم بترفهه بسقوط أحد السفرين، وقرن بجمعه في إهلاله بين النسكين، وأفرد فلم يطف طوافين، ولم يسع سعيين.
ومن تأمل الأحاديث الصحيحة في هذا الباب جزم بهذا، وهذا فصل النزاع، والله أعلم.