قال المنذري: اختلف العلماء في المتعة، فقال بعضهم: نسخت مرتين، كانت مباحة في أول الإسلام ثم نسخت عام خيبر بحديث علي عليه السلام ثم أبيحت بعد ذلك، ثم حرمت في الفتح إلى يوم القيامة. وقال بعضهم: نسخ الله تعالى القبلة مرتين ونكاح المتعة مرتين وتحريم الحمر الأهلية مرتين، ولا أحفظ رابعا. وقال آخرون: إنما نسخت مرة واحدة يوم خيبر وتحريمها في الفتح كان إشاعة لما تقدم من التحريم وإشهارا له، وكذلك تحريمها في حجة الوداع لهذا المعنى. وفي هذا نظر، فإنه قد صح أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أذن فيها في الفتح ثم حرمها بعد ذلك. وكان nindex.php?page=showalam&ids=16008سفيان بن عيينة يزعم أن تاريخ خيبر في حديث nindex.php?page=showalam&ids=8علي إنما هو في النهي عن لحوم الحمر الأهلية لا في نكاح المتعة.
قال nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي : وهو يشبه أن يكون كما قال، فقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه رخص فيه بعد ذلك ثم نهى عنه، فيكون احتجاج علي بنهيه عنه آخرا حتى تقوم به الحجة على nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس. وقال أيضا : فلولا معرفة nindex.php?page=showalam&ids=8علي بن أبي طالب بنسخ نكاح المتعة وأن النهي عنه كان بعد الرخصة لما أنكره على ابن عباس. والله أعلم.
[ ص: 413 ] وقال غيره : هذا الحكم كان مباحا مشروعا في صدر الإسلام، وإنما أباحه النبي عليه السلام للسبب الذي ذكره nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود، وإنما كان ذلك يكون في أسفارهم، ولم يبلغنا أن النبي صلى الله عليه وسلم أباحه لهم وهم في بيوتهم، ولهذا نهاهم عنها غير مرة ثم أباحها لهم في أوقات مختلفة، حتى حرمها عليهم في آخر أيامه عليه السلام، وذلك في حجة الوداع، وكان تحريم تأبيد لا تأقيت، فلم يبق اليوم في ذلك خلاف بين فقهاء الأمصار وأئمة الأمة، إلا شيئا ذهب إليه بعض الشيعة، ويروى عن nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج جوازه.
قال ابن القيم رحمه الله: وأما nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس، فإنه سلك هذا المسلك في إباحتها عند الحاجة والضرورة، ولم يبحها مطلقا، فلما بلغه إكثار الناس منها رجع، وكان يحمل التحريم على من لم يحتج إليها.
قال nindex.php?page=showalam&ids=14228الخطابي: حدثنا ابن السماك، حدثنا الحسن بن سلام، حدثنا الفضل بن دكين، حدثنا عبد السلام، عن الحجاج، عن أبي خالد، عن nindex.php?page=showalam&ids=15342المنهال، عن nindex.php?page=showalam&ids=15992ابن جبير قال: " قلت nindex.php?page=showalam&ids=11لابن عباس: هل تدري ما صنعت، وبما [ ص: 414 ] أفتيت ؟ قد سارت بفتياك الركبان، وقالت فيه الشعراء.
قال: وما قالوا ؟ قلت: قالوا:
قد قلت للشيخ لما طال مجلسه: يا صاح هل لك في فتيا nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس ؟ هل لك في رخصة الأطراف آنسة تكون مثواك حتى رجعة الناس ؟
فقال nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس: إنا لله وإنا إليه راجعون! والله ما بهذا أفتيت، ولا هذا أردت، ولا أحللت إلا مثل ما أحل الله الميتة والدم ولحم الخنزير، وما تحل إلا للمضطر، وما هي إلا كالميتة والدم ولحم الخنزير ".
وقال nindex.php?page=showalam&ids=12418إسحاق بن راهويه: حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=15903روح بن عبادة، حدثنا موسى بن عبيدة، سمعت محمد بن كعب القرظي يحدث، عن ابن عباس قال: "كانت المتعة في أول الإسلام، متعة النساء، فكان الرجل يقدم بسلعته البلد، ليس له من يحفظ عليه ضيعته ويضم إليه متاعه، فيتزوج المرأة إلى قدر ما يرى أنه يقضي حاجته، وقد كانت تقرأ فما استمتعتم به منهن (إلى أجل مسمى) فآتوهن أجورهن حتى نزلت حرمت عليكم أمهاتكم - إلى قوله - محصنين غير مسافحين فتركت المتعة وكان الإحصان، إذا شاء طلق، وإذا شاء أمسك، ويتوارثان، وليس لهما [ ص: 415 ] من الأمر شيء" .
فهاتان الروايتان المقيدتان، عن nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس تفسران مراده من الرواية المطلقة ، والله أعلم.