قال ابن القيم رحمه الله: هذا من الأحاديث المشكلة جدا، وقد اختلفت مسالك الناس في دفع إشكاله:
فطائفة ضعفته، منهم nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي، قال: والذي خالفه أكثر [ ص: 87 ] وأثبت منه، وأما الحديث الآخر - يعني هذا - فليس مما يثبت أهل العلم بالحديث لو انفرد.
المسلك الثاني: أن هذا كان في أول الإسلام، ثم نسخ بأحاديث الغسل. وكان nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس أولا يذهب إليه، بدليل ما روى nindex.php?page=showalam&ids=14269الدارقطني: حدثنا إبراهيم بن حماد، حدثنا العباس بن يزيد، حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=16008سفيان بن عيينة، حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=13371عبد الله بن محمد بن عقيل: أن علي بن الحسين أرسله إلى nindex.php?page=showalam&ids=10718الربيع بنت معوذ، يسألها عن وضوء النبي صلى الله عليه وسلم فذكر الحديث وقالت: nindex.php?page=hadith&LINKID=72085ثم غسل رجليه قالت: وقد أتاني ابن عم لك -تعني nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس- فأخبرته فقال: ما أجد في الكتاب إلا غسلتين ومسحتين . ثم رجع ابن عباس عن هذا لما بلغه غسل النبي صلى الله عليه وسلم رجليه، وأوجب الغسل.
[ ص: 91 ] قال nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي: في هذا الحديث الثابت دلالة على أن الحديث الذي روي عن النبي صلى الله عليه وسلم في المسح على الرجلين - إن صح - فإنما عنى به: وهو طاهر غير محدث، إلا أن بعض الرواة كأنه اختصر الحديث، فلم ينقل قوله nindex.php?page=hadith&LINKID=72244هذا وضوء من لم يحدث .
قال: وفي هذا دلالة على أن ما روي عن nindex.php?page=showalam&ids=8علي في المسح على النعلين إنما هو في وضوء متطوع به، لا في وضوء واجب عليه من حدث يوجب الوضوء، أو أراد غسل الرجلين في النعلين، أو أراد المسح على [ ص: 92 ] جوربيه ونعليه، كما رواه عنه بعض الرواة مقيدا بالجوربين، وأراد به جوربين منعلين.
قلت: هذا هو المسلك الخامس: أن مسحه رجليه ورشه عليهما لأنهما كانا مستورين بالجوربين في النعلين.
والدليل عليه ما رواه سفيان، عن nindex.php?page=showalam&ids=15944زيد بن أسلم، عن nindex.php?page=showalam&ids=16572عطاء بن يسار، عن nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس: nindex.php?page=hadith&LINKID=683758أن رسول الله صلى الله عليه وسلم توضأ مرة مرة، ومسح على نعليه . لكن تفرد به رواد بن الجراح عن nindex.php?page=showalam&ids=16004الثوري، والثقات رووه عن nindex.php?page=showalam&ids=16004الثوري بدون هذه الزيادة.
وحال تكون حافية، فيجب غسلها، فهاتان مرتبتان، وهما: كشفها وسترها، ففي حال كشفها لها أعلى مراتب الطهارة، وهي الغسل التام، وفي حال استتارها لها أدناها، وهي المسح على الحائل.
ولها حالة ثالثة، وهي حالما تكون في النعل، وهي حالة متوسطة بين كشفها وبين استتارها بالخف، فأعطيت حالة متوسطة من الطهارة، وهي الرش، فإنه بين الغسل والمسح. وحيث أطلق لفظ "المسح" عليها في هذه الحال فالمراد به الرش؛ لأنه جاء مفسرا في الرواية الأخرى. وهذا مذهب - كما ترى - لو كان يعلم به قائل معين، ولكن يحكى عن طائفة لا أعلم منهم معينا.
وبالجملة فهو خير من مسلك الشيعة في هذا الحديث وهو:
المسلك السابع: أنه دليل على أن فرض الرجلين المسح، وحكي عن داود الجواربي nindex.php?page=showalam&ids=11وابن عباس. وحكي عن ابن جرير أنه مخير بين الأمرين، [ ص: 94 ] فأما حكايته عن nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس فقد تقدمت، وأما حكايته عن ابن جرير فغلط بين، وهذه كتبه وتفسيره كله يكذب هذا النقل عليه، وإنما دخلت الشبهة لأن ابن جرير القائل بهذه المقالة رجل آخر من الشيعة، يوافقه في اسمه واسم أبيه، وقد رأيت له مؤلفات في أصول مذهب الشيعة وفروعهم.
فهذه سبعة مسالك للناس في هذا الحديث. وبالجملة فالذين رووا وضوء النبي صلى الله عليه وسلم: مثل nindex.php?page=showalam&ids=7عثمان بن عفان، nindex.php?page=showalam&ids=3وأبي هريرة، وعبد الله بن زيد بن عاصم، nindex.php?page=showalam&ids=36وجابر بن عبد الله، nindex.php?page=showalam&ids=19والمغيرة بن شعبة، nindex.php?page=showalam&ids=10718والربيع بنت معوذ، nindex.php?page=showalam&ids=241والمقدام بن معديكرب، nindex.php?page=showalam&ids=33ومعاوية بن أبي سفيان، وجد nindex.php?page=showalam&ids=16258طلحة بن مصرف، nindex.php?page=showalam&ids=9وأنس بن مالك، وأبي أمامة الباهلي، وغيرهم لم يذكر أحد منهم ما ذكر في حديث nindex.php?page=showalam&ids=8علي nindex.php?page=showalam&ids=11وابن عباس، مع الاختلاف المذكور عليهما. والله أعلم.