[ ص: 559 ] وقد تقدم الكلام على nindex.php?page=showalam&ids=16709عمرو بن شعيب. وروى عن عمرو هذا الحديث محمد بن راشد المكحولي، وفيه مقال .
قال بعضهم : هذه أحكام وقعت في أول زمان الشريعة، وكان حدوثها ما بين الجاهلية وبين قيام الإسلام، كان لأهل الجاهلية إماء وهن البغايا اللواتي ذكرهن الله عز وجل في قوله: ولا تكرهوا فتياتكم على البغاء ، إذ كانت السادة يلمون بهن، فإذا جاءت بولد وكان سيدها يطؤها وقد وطئها غيره بالزنا، فربما ادعاه الزاني وربما ادعاه السيد، فحكم صلى الله عليه وسلم بالولد لسيدها، لأن الأمة فراش له، ونفاه عن الزاني - ثم ذكر الاستلحاق .
قال ابن القيم رحمه الله: وليس كما قال، فإن هذا القضاء إنما وقع بالمدينة بعد قيام الإسلام ومصيرها دار هجرة. وقد جعله النبي صلى الله عليه وسلم على صور:
الصورة الأولى: أن يكون الولد من أمته التي في ملكه وقت الإصابة، فإذا استلحقه لحق به من حين استلحقه، وما قسم من ميراثه قبل استلحاقه لم ينقض، ويورث منه المستلحق، وما كان بعد استلحاقه من ميراث لم يقسم ورث منه نصيبه، فإنه إنما تثبت بنوته من حين استلحقه، فلا تنعطف على ما [ ص: 560 ] تقدم من قسمة المواريث.
وإن أنكره لم يلحق به، وسماه "أباه" على كونه يدعى له ويقال إنه منه، [لا] أنه أبوه في حكم الشرع، إذ لو كان أباه حكما لم يقبل إنكاره ولحق به.
الصورة الثانية: أن يكون الولد من أمة لم تكن في ملكه وقت الإصابة، فهذا ولد زنا لا يلحق به ولا يرثه، بل نسبه منقطع منه.
وكذلك إذا كان من حرة قد زنى بها، فالولد غير لاحق به ولا يرث منه، وإن كان هذا الزاني الذي يدعى الولد له، - يعني أنه منه - قد ادعاه لم تفد دعواه شيئا، بل الولد ولد زنا، وهو لأهل أمه؛ إن كانت أمة فمملوكة لمالكها، وإن كانت حرة فنسبه إلى أمه وأهلها، دون هذا الزاني الذي هو منه.
ولكن قصة عبد بن زمعة أصح من هذا وأصرح، في كون الأمة تصير فراشا، كما تكون الحرة، يلحق الولد بسيدها بحكم الفراش، كما يلحق بالحرة كما سيأتي. وليس في حديث nindex.php?page=showalam&ids=16709عمرو بن شعيب أنه لا يلحق ولده من أمته إلا بالاستلحاق، وإنما فيه أنه عند تنازع سيدها والزاني في ولدها، يلحق بسيدها الذي استلحقه دون الزاني، وهذا مما لا نزاع فيه؛ فالحديثان متفقان. والله أعلم.