قال ابن القيم رحمه الله: اختلف السلف في هذه المسألة: فذهب بعضهم [ ص: 73 ] إلى إبطال صومه إذا أصبح جنبا، واحتجوا بما في صحيح مسلم عن أبي هريرة أنه كان يقول في قصصه: " nindex.php?page=hadith&LINKID=35517من أدركه الفجر جنبا فلا يصوم "، واختلفت الرواية عن nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة: فالمشهور عنه أنه لا يصح صومه، وعنه رواية ثانية: أنه إن علم بجنابته ثم نام حتى يصبح فهو مفطر، وإن لم يعلم حتى أصبح فهو صائم، وروي هذا المذهب عن طاوس وعروة ابن الزبير
وروي هذا عن nindex.php?page=showalam&ids=12354إبراهيم النخعي nindex.php?page=showalam&ids=14102والحسن البصري.
وعن nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة رواية ثالثة: أنه رجع عن فتياه إلى قول الجماعة.
وذهب الجمهور إلى صحة صومه مطلقا في الفرض والنفل، وقالوا: حديث nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة منسوخ.
واستشكل طائفة ثبوت النسخ، وقالت: شرط النسخ أن يعلم تأخره بنقل، أو تجمع الأمة على ترك الخبر المعارض له، فيعلم أنه منسوخ، وكلا الأمرين منتف ههنا، فمن أين لكم أن خبر nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة متقدم على خبر nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة ؟ ! [ ص: 74 ] والجواب عن هذا: أنه لا يصح أن يكون آخر الأمرين من رسول الله صلى الله عليه وسلم إبطال الصوم بذلك؛ لأن أزواجه أعلم بهذا الحكم، وقد أخبرن بعد وفاته صلى الله عليه وسلم " nindex.php?page=hadith&LINKID=703778أنه كان يصبح جنبا ثم يصوم "، ولو كان هذا هو المتقدم لكان المعروف عند أزواجه مثل حديث أبي هريرة، ولم يحتج أزواجه بفعله الذي كان يفعله ثم نسخ، ومحال أن يخفى هذا عليهن، فإنه كان يقسم لهن إلى أن مات في الصوم والفطر.
هذا مع أن الحديث في nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم غير مرفوع، وإنما فيه: " كان nindex.php?page=showalam&ids=3أبو هريرة يقول في قصصه حسب "، وفي الحديث " أن nindex.php?page=showalam&ids=3أبا هريرة لما حوقق على ذلك رده إلى nindex.php?page=showalam&ids=69الفضل بن عباس، فقال: سمعت ذلك من الفضل، ولم أسمعه من النبي صلى الله عليه وسلم، هذا الذي في nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم، وفي لفظ: " حدثني nindex.php?page=showalam&ids=69الفضل بن عباس
" قال nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري: وقال همام وابن عبد الله بن عمر عن nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة: " كان النبي صلى الله عليه وسلم يأمر بالفطر " والأول أسند.
ولكن رفعه صحيح، رواه سفيان عن عمرو عن يحيى بن جعدة قال: سمعت nindex.php?page=showalam&ids=13عبد الله بن عمرو القاري قال: سمعت nindex.php?page=showalam&ids=3أبا هريرة يقول: " لا، ورب هذا البيت ما أنا قلته: من أدركه الصبح وهو جنب فلا يصم، محمد صلى الله عليه وسلم [ ص: 75 ] قاله "،
ولا ريب أن nindex.php?page=showalam&ids=3أبا هريرة لم يسمع ذلك من النبي صلى الله عليه وسلم، وقال مرة: " أخبرنيه nindex.php?page=showalam&ids=69الفضل بن عباس " ومرة قال: " أخبرنيه nindex.php?page=showalam&ids=111أسامة بن زيد "، وفي رواية عنه: " أخبرنيه فلان وفلان " وفي رواية: " أخبرني رجل " وفي رواية: " أخبرنيه مخبر " وفي رواية " هكذا كنت أحسب ".
[ ص: 76 ] قال المنذري: قال nindex.php?page=showalam&ids=14228الخطابي: وأحسن ما سمعت في تأويل ما رواه nindex.php?page=showalam&ids=3أبو هريرة في هذا أن يكون ذلك محمولا على النسخ، وذلك أن الجماع كان في أول الإسلام محرما على الصائم في الليل بعد النوم كالطعام والشراب. فلما أباح الله الجماع إلى طلوع الفجر جاز للجنب إذا أصبح قبل أن يغتسل أن يصوم ذلك اليوم لارتفاع الحظر المتقدم، فيكون تأويل قوله: nindex.php?page=hadith&LINKID=35517 "من أصبح جنبا فلا صوم له"، أي من جامع في الصوم بعد النوم فلا يجزئه صوم غده؛ لأنه لا يصبح جنبا إلا وله أن يطأ قبل الفجر بطرفة [عين]، فكان nindex.php?page=showalam&ids=3أبو هريرة يفتي بما سمعه من الفضل بن العباس على الأمر الأول ولم يعلم بالنسخ، فلما سمع خبر nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة nindex.php?page=showalam&ids=54وأم سلمة صار إليه.
وقال nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي: أخذنا بحديث nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة nindex.php?page=showalam&ids=54وأم سلمة، زوجي النبي صلى الله عليه وسلم دون ما روى nindex.php?page=showalam&ids=3أبو هريرة [عن رجل]، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم لمعان :
منها: أنهما زوجتاه، وزوجتاه أعلم بهذا من رجل إنما يعرفه سماعا أو خبرا. ومنها: أن عائشة مقدمة في الحفظ، وأن أم سلمة حافظة، ورواية اثنين أكثر من واحد. [ ص: 77 ]
ومنها: أن الذي روتا عن النبي صلى الله عليه وسلم المعروف في المعقول والأشبه [بالسنة]، - وبسط الكلام في شرح هذا-، ومعناه: أن الغسل شيء وجب بالجماع، وليس في فعله شيء محرم على من صام، فقد يحتلم بالنهار فيجب عليه الغسل ويتم صومه؛ لأنه لم يجامع في نهار وجعله شبيها بالمحرم ينهى عن الطيب، ثم يتطيب حلالا، ثم يحرم وعليه لونه وريحه؛ لأن نفس التطيب كان وهو مباح.