قال ابن القيم رحمه الله: وقد اختلف الناس في هذا الحديث، وفي حكمه.
فقالت طائفة: لا يصح رفعه، وإنما هو موقوف.
قال nindex.php?page=showalam&ids=14269الدارقطني في كتاب العلل: ووقفه عبد الله بن عامر الأسلمي nindex.php?page=showalam&ids=17293ويحيى القطان وأبو ضمرة عن عبد الرحمن بن حميد عن سعيد ووقفه عقيل على سعيد قوله.
ووقفه [ ص: 259 ] يزيد بن عبد الله بن قسيط عن سعيد عن nindex.php?page=showalam&ids=54أم سلمة: قولها.
ووقفه nindex.php?page=showalam&ids=12493ابن أبي ذئب عن الحارث بن عبد الرحمن عن أبي سلمة عن nindex.php?page=showalam&ids=54أم سلمة: قولها
ووقفه عبد الرحمن بن حرملة nindex.php?page=showalam&ids=16815وقتادة وصالح بن حسان عن سعيد: قوله.
والمحفوظ عن nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك موقوف.
قال nindex.php?page=showalam&ids=14269الدارقطني: والصحيح عندي قول من وقفه ونازعه في ذلك آخرون، فصححوا رفعه.
منهم nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم بن الحجاج، رواه في صحيحه مرفوعا.
ومنهم nindex.php?page=showalam&ids=13948أبو عيسى الترمذي، قال: هذا حديث حسن صحيح.
ومنهم nindex.php?page=showalam&ids=13053ابن حبان، خرجه في صحيحه.
ومنهم nindex.php?page=showalam&ids=13933أبو بكر البيهقي، قال: هذا حديث قد ثبت مرفوعا من أوجه لا يكون مثلها غلطا، وأودعه nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم في كتابه.
وصححه غير هؤلاء، وقد رفعه nindex.php?page=showalam&ids=16008سفيان بن عيينة عن عبد الرحمن بن حميد عن سعيد عن nindex.php?page=showalam&ids=54أم سلمة عن النبي صلى الله عليه وسلم، ورفعه nindex.php?page=showalam&ids=16102شعبة عن nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك عن عمرو بن مسلم عن سعيد عن nindex.php?page=showalam&ids=54أم سلمة عن النبي صلى الله عليه وسلم.
وأما اختلافهم في متنه: فذهبت إليه طائفة من التابعين ومن بعدهم.
فذهب إليه nindex.php?page=showalam&ids=15990سعيد بن المسيب وربيعة بن أبي عبد الرحمن nindex.php?page=showalam&ids=12418وإسحاق بن راهويه، nindex.php?page=showalam&ids=12251والإمام أحمد وغيرهم.
[ ص: 261 ] وذهب آخرون إلى أن ذلك مكروه لا محرم.
وحملوا الحديث على الكراهة منهم nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك وطائفة من أصحاب nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد، منهم أبو يعلى وغيره.
وذهبت طائفة: إلى الإباحة، وأنه غير مكروه، وهو قول nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة وأصحابه.
قال nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي: وفي هذا دلالة على ما وصفت، وعلى أن المرء لا يحرم بالبعثة بهديه يقول: البعثة بالهدي أكبر من إرادة الأضحية.
ومنهم من رد هذا الحديث بخلافه للقياس؛ لأنه لا يحرم عليه الوطء واللباس والطيب، فلا يحرم عليه حلق الشعر ولا تقليم الظفر.
وأسعد الناس بهذا الحديث: من قال بظاهره لصحته، وعدم ما يعارضه.
[ ص: 262 ] وأما حديث nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة فهو إنما يدل على أن من بعث بهديه وأقام في أهله فإنه يقيم حلالا، ولا يكون محرما بإرسال الهدي، ردا على من قال: يكون بذلك محرما، من السلف ولهذا روت nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة لما حكي لها هذا.
وحديث nindex.php?page=showalam&ids=54أم سلمة يدل على أن من أراد أن يضحي أمسك في العشر عن أخذ شعره وظفره خاصة، فأي منافاة بينهما ؟ ولهذا كان أحمد وغيره يعمل بكلا الحديثين: هذا في موضعه، وهذا في موضعه.
وقد سأل nindex.php?page=showalam&ids=12251الإمام أحمد أو غيره nindex.php?page=showalam&ids=16349عبد الرحمن بن مهدي عن هذين الحديثين ؟ فقال: هذا له وجه، وهذا له وجه.
ولو قدر بطريق الفرض تعارضهما لكان حديث nindex.php?page=showalam&ids=54أم سلمة خاصا، وحديث nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة عاما.
ويجب تنزيل العام على ما عدا مدلول الخاص، توفيقا بين الأدلة. ويجب حمل حديث عائشة على ما عدا ما دل عليه حديث nindex.php?page=showalam&ids=54أم سلمة، أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن ليفعل ما نهى عنه، وإن كان مكروها.
وأيضا: nindex.php?page=showalam&ids=25فعائشة إنما تعلم ظاهرا ما يباشرها به، أو يفعله ظاهرا من اللباس والطيب.
وأما ما يفعله نادرا، كقص الشعر وتقليم الظفر، مما لا يفعل في الأيام العديدة إلا مرة.
فهي لم تخبر بوقوعه في عشر ذي الحجة منه صلى الله عليه وسلم، وإنما قالت: " لم يحرم عليه شيء ".
وهذا غايته: أن يكون شهادة على نفي، فلا يعارض حديث nindex.php?page=showalam&ids=54أم سلمة.
والظاهر: أنها لم ترد ذلك بحديثها، وما [ ص: 263 ] كان كذلك فاحتمال تخصيصه قريب، فيكفي فيه أدنى دليل.
وخبر nindex.php?page=showalam&ids=54أم سلمة صريح في النهي، فلا يجوز تعطيله.
وأيضا nindex.php?page=showalam&ids=54فأم سلمة تخبر عن قوله وشرعه لأمته فيجب امتثاله.
nindex.php?page=showalam&ids=25وعائشة تخبر عن نفي مستند إلى رؤيتها، وهي إنما رأت أنه لا يصير بذلك محرما، يحرم عليه ما يحرم على المحرم.
ولم تخبر عن قوله: إنه لا يحرم على أحدكم بذلك شيء.
وهذا لا يعارض صريح لفظه.
وأما رد الحديث بالقياس فلو لم يكن فيه إلا أنه قياس فاسد مصادم للنص لكفى ذلك في رد القياس ومعلوم أن رد القياس بصريح السنة أولى من رد السنة بالقياس، وبالله التوفيق.
كيف؟ وإن تحريم النساء والطيب واللباس أمر يختص بالإحرام، لا يتعلق بالضحية، وأما تقليم الظفر وأخذ الشعر فإنه من تمام التعبد بالأضحية، وقد تقدم حديث nindex.php?page=showalam&ids=13عبد الله بن عمرو أول الباب، وقوله " تأخذ من شعرك، وتحلق عانتك، فتلك تمام أضحيتك عند الله " فأحب النبي صلى الله عليه وسلم توفير الشعر والظفر في العشر ليأخذه مع الضحية، فيكون ذلك من تمامها عند الله.
وقد شهد لذلك أيضا: أنه صلى الله عليه وسلم شرع لهم إذا ذبحوا عن الغلام عقيقته " أن يحلقوا رأسه " فدل على أن حلق رأسه مع الذبح أفضل وأولى، وبالله التوفيق.