صفحة جزء
3811 467 \ 3663 وعن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم خيبر عن لحوم الحمر الأهلية وعن الجلالة عن ركوبها وأكل لحمها

وأخرجه النسائي


قال ابن القيم رحمه الله: أحاديث النهي عن أكل لحوم الحمر الأهلية رواها عن النبي صلى الله عليه وسلم علي بن أبي طالب، وجابر بن عبد الله، والبراء بن عازب، وابن أبي أوفى، وأنس بن مالك، والعرباض بن سارية وأبو ثعلبة الخشني، وعبد الله بن عمر، وأبو سعيد الخدري، وسلمة بن الأكوع، والحكم بن عمرو الغفاري، والمقدام بن معديكرب وأبو أمامة الباهلي، وعبد الله بن [ ص: 605 ] عباس، وثابت بن وديعة وأبو سليط البدري، وعبد الله بن عمرو، وزاهر الأسلمي، وأبو هريرة، وخالد بن الوليد.

فأما حديث علي: فمتفق عليه من حديث الزهري عن الحسن بن محمد بن الحنفية عن أبيه عن علي.

وأما حديث جابر: فمتفق عليه أيضا من رواية عمرو بن دينار عن محمد بن علي بن الحسين عن جابر " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم: نهى يوم خيبر عن لحوم الحمر الأهلية وأذن في لحوم الخيل " وهو لمسلم أيضا من رواية أبي الزبير عنه.

وأما حديث البراء بن عازب: فمتفق عليه أيضا من طريق شعبة عن عدي بن ثابت عن البراء " كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم، فأصبنا حمرا فطبخناها، فأمر مناديا ينادي: أن أكفئوا القدور ".

وأما حديث ابن أبي أوفى: فمتفق عليه أيضا من حديث سليمان الشيباني عنه " أصابتنا مجاعة ليالي خيبر، فلما كان يوم خيبر وقعنا في لحوم الحمر الأهلية فانتحرناها فلما غلت بها القدور، نادى منادي رسول الله صلى الله عليه وسلم: [ ص: 606 ] أكفئوا القدور، ولا تأكلوا من لحوم الحمر شيئا ".

وعند النسائي فيه " فأتانا منادي النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد حرم لحم الحمر، فأكفئوا القدور بما فيها، فكفأناها ".

وأما حديث أنس: فمتفق عليه أيضا من رواية محمد بن سيرين عنه " أن النبي صلى الله عليه وسلم جاءه جاء، فقال: أكلت الحمر، ثم جاءه جاء فقال: أفنيت الحمر فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلا فنادى: إن الله ورسوله ينهيانكم عن لحوم الحمر فإنها ركس، فأكفئت القدور، وإنها لتفور باللحم ".

وفي مسلم " إنها رجس من عمل الشيطان ".

قلت: وكان المنادي: أبا طلحة الأنصاري، قاله يزيد بن زريع عن هشام.

وأما حديث العرباض بن سارية فرواه الترمذي من حديث أم حبيبة [ ص: 607 ] بنت العرباض عن أبيها " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى يوم خيبر عن كل ذي ناب من السباع، وعن كل ذي مخلب من الطير وعن لحوم الحمر الأهلية وعن المجثمة ".

وأما حديث أبي ثعلبة الخشني: فمتفق عليه من حديث الزهري عن أبي إدريس الخولاني عنه قال " حرم رسول الله صلى الله عليه وسلم لحم الحمر، ولحم كل ذي ناب من السباع " لفظ البخاري.

ولفظ مسلم " حرم رسول الله صلى الله عليه وسلم لحوم الحمر الأهلية ".

ورواه النسائي من حديث بقية عن بحير بن سعد عن خالد بن معدان عن جبير بن نفير عن أبي ثعلبة " أنهم غزوا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى خيبر، والناس جياع، فوجدوا فيها حمرا من حمر الإنس، فذبح الناس منها، فحدث بذلك النبي صلى الله عليه وسلم فأمر عبد الرحمن بن عوف فأذن في الناس: ألا إن [ ص: 608 ] لحوم الحمر الإنس لا تحل لمن يشهد أني رسول الله ".

وأما حديث عبد الله بن عمر: فمتفق عليه من حديث نافع وسالم عنه " نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن لحوم الحمر الأهلية " زاد مسلم " يوم خيبر ".

وأما حديث أبي سعيد الخدري فرواه عثمان بن سعيد الدارمي حدثنا نعيم بن حماد حدثنا ابن المبارك حدثنا يونس بن أبي إسحاق حدثني أبو الوداك حدثني أبو سعيد الخدري " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مر بالقدور وهي تغلي، فقال: ما هذا اللحم ؟ فقالوا: لحوم الحمر الأهلية فقال: أو وحشية ! قلنا: بل أهلية فقال لنا: أكفئوها فكفأناها وإنا لجياع نشتهيها "، احتج البخاري بنعيم بن حماد، ومسلم بأبي الوداك جبر بن نوف فالإسناد صحيح.

وأما حديث سلمة بن الأكوع: فرواه البخاري وهو من ثلاثياته [ ص: 609 ] حدثنا المكي بن إبراهيم حدثنا يزيد بن أبي عبيد عن سلمة بن الأكوع قال " لما أمسوا يوم خيبر أوقدوا النيران، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: على ما أوقدتم هذه النيران، قالوا: على لحوم الحمر الإنسية، قال: أهريقوا ما فيها واكسروا قدورها " فقام رجل من القوم فقال: نهريق ما فيها ونغسلها؟ قال النبي صلى الله عليه وسلم: " أو ذاك " ورواه مسلم.

وهو صريح في أن ما لا يؤكل لحمه لا يطهر بالذكاة وأنها لا تعمل فيه شيئا.

وأما حديث الحكم بن عمرو: فرواه البخاري من حديث عمرو بن دينار قال قلت لجابر بن زيد " يزعمون أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن الحمر الأهلية، فقال: قد كان يقول ذلك الحكم بن عمرو الغفاري عندنا بالبصرة، ولكن أبى ذلك البحر ابن عباس، وقرأ: قل لا أجد في ما أوحي إلي محرما الآية.

وأما حديث المقدام بن معديكرب: فرواه عثمان الدارمي حدثنا [ ص: 610 ] عبد الله بن صالح المصري أن معاوية بن صالح حدثه قال: حدثني الحسن بن جابر أنه سمع المقدام بن معديكرب يقول: " حرم رسول الله صلى الله عليه وسلم أشياء يوم خيبر منها الحمار الأهلي، وقال: يوشك رجل متكئ على أريكته يحدث حديثي، فيقول: بيننا وبينكم كتاب الله، فما وجدنا فيه من حلال أحللناه، ومن حرام حرمناه، ألا وإن مما حرم رسول الله صلى الله عليه وسلم لحوم الحمر الأهلية، ولحم كل ذي ناب من السباع ".

وعبد الله بن صالح من شيوخ البخاري، والحسن بن جابر وثقه ابن حبان ولم يتكلم فيه

ورواه أبو اليمان عن جرير بن عثمان عن عبد الرحمن بن أبي عوف الجرشي عن المقدام، وفيه " ألا لا يحل لكم الحمار الأهلي، ولا كل ذي ناب من السباع ".

وهذا إسناد صحيح.

وأما حديث أبي أمامة: فرواه الدارمي أيضا حدثنا عبد الله بن أبي شيبة حدثنا أبو أسامة عن عبد الرحمن بن يزيد بن جابر حدثني [ ص: 611 ] القاسم ومكحول عن أبي أمامة " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى يوم خيبر عن أكل الحمار الأهلي، وعن أكل كل ذي ناب من السبع "، وهذا إسناد صحيح، فإن مكحولا قد أدرك أبا أمامة وسمع منه.

وفي حديث القاسم من رواية علي بن يزيد عنه " أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لبلال: أذن في الناس أنه لا يحل لكم لحوم الحمر الأهلية، ولا لحم كل ذي ناب من السباع، ولا كل ذي مخلب من الطير، وأن الجنة لا تحل لعاص ".

وأما حديث ابن عباس فقال الدارمي: حدثنا عثمان بن أبي شيبة حدثنا عبيد الله بن موسى عن سنان عن الأعمش عن مجاهد عن ابن عباس " نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم خيبر عن لحوم الحمر الأهلية " وهذا الإسناد على شرط الشيخين

وفي الصحيحين عن الشعبي عن ابن عباس قال " لا أدري: أنهى [ ص: 612 ] رسول الله صلى الله عليه وسلم من أجل أنها كانت حمولة الناس، فكره أن تذهب حمولتهم.

أو حرمه في يوم خيبر ؟ يعني الحمر الأهلية
".

وهذا يدل على أن ابن عباس بلغه النهي ولكنه تأوله.

أباحها أولا حيث لم يبلغه النهي فسمع ذلك منه جماعة منهم أبو الشعثاء وغيره فرووا ما سمعوه، ثم بلغه النهي عنها فتوقف هل هو للتحريم أو لأجل كونها حمولة ؟ فروى ذلك عنه الشعبي وغيره ثم لما ناظره علي بن أبي طالب جزم بالتحريم كما رواه عنه مجاهد.

وأما حديث ثابت بن وديعة: فرواه الدارمي أيضا حدثنا أبو الوليد الطيالسي حدثنا أبو عوانة عن حصين بن زيد بن وهب عن ثابت بن وديعة قال " أصبنا حمرا أهلية يوم خيبر فطبخ الناس فمر بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم والقدور تغلي فقال أكفئوها فكفأناها " وهذا إسناد صحيح، رواته كلهم ثقات.

وأما حديث أبي سليط البدري فرواه الدارمي أيضا حدثنا [ ص: 613 ] عبد الله بن أبي شيبة حدثنا عبد الله بن نمير حدثنا محمد بن إسحاق عن عبد الله بن عمرو بن ضمرة عن عبد الله بن أبي سليط عن أبيه - وكان بدريا - قال " أتانا نهي رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أكل الحمر، وإن القدور لتغلي بها، فكفأناها على وجهها ".

وأما حديث عبد الله بن عمرو: فرواه أبو داود من حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده وهو في الأصل.

وأما حديث زاهر الأسلمي: فرواه الدارمي عن يحيى الحماني حدثنا شريك عن مجزأة بن زاهر عن أبيه قال " مر النبي صلى الله عليه وسلم والقدور تغلي فسأل عنها فقالوا الحمر الأهلية فأمر بها فكفئت ".

وهذا الإسناد على رسم الشيخين.

[ ص: 614 ] وأما حديث أبي هريرة فرواه الترمذي من حديث زائدة عن محمد بن عمرو عن أبي سلمة عنه " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حرم يوم خيبر كل ذي ناب من السباع والمجثمة والحمار الإنسي " قال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح.

وأما حديث خالد بن الوليد: فقد تقدم في الباب الذي قبل هذا.

وقد اختلف في سبب النهي عن الحمر على أربعة أقوال، وهي في الصحيح.

أحدها: لأنها كانت جوال القرية كما في حديث غالب هذا، وهذا قد جاء في بعض طرق حديث عبد الله بن أبي أوفى: " أصابتنا مجاعة ليالي خيبر فلما كان يوم خيبر وقعنا في الحمر الأهلية فانتحرناها، فلما غلت بها القدور نادى منادي رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أكفئوا القدور ولا تأكلوا من [ ص: 615 ] لحوم الحمر شيئا " فقال أناس: إنما نهى عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم لأنها لم تخمس، وقال آخرون: نهى عنها البتة.

وقال البخاري في بعض طرقه: " نهى عنها البتة لأنها كانت تأكل العذرة " فهاتان علتان.

العلة الثالثة: حاجتهم إليها فنهاهم عنها إبقاء لها كما في حديث ابن عمر المتفق عليه " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن أكل لحوم الحمر الأهلية " زاد في طريق أخرى " وكان الناس قد احتاجوا إليها ".

العلة الرابعة: أنه إنما حرمها لأنها رجس في نفسها وهذا أصح العلل فإنها هي التي ذكرها رسول الله صلى الله عليه وسلم بلفظه كما في الصحيحين عن أنس قال " لما افتتح رسول الله صلى الله عليه وسلم خيبر أصبنا حمرا خارجة من القرية وطبخناها فنادى منادي رسول الله صلى الله عليه وسلم: ألا إن الله ورسوله ينهيانكم عنها فإنها رجس من عمل الشيطان " فهذا نص في سبب التحريم وما عدا هذه من العلل فإنما هي حدس وظن ممن قاله.

التالي السابق


الخدمات العلمية