قال: قلت: أنت رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال : أنا رسول الله الذي إذا أصابك ضر فدعوته كشفه عنك، وإن أصابك عام سنة فدعوته أنبتها لك، وإذا كنت بأرض قفر - أو فلاة - فضلت راحلتك فدعوته ردها عليك.
قال: قلت: اعهد إلي، قال: لا تسبن أحدا، قال: فما سببت بعده حرا ولا عبدا، ولا بعيرا ولا شاة. قال: ولا تحقرن شيئا من المعروف، وأن تكلم أخاك وأنت منبسط إليه وجهك، إن ذلك من المعروف، وارفع إزارك إلى نصف الساق، فإن أبيت فإلى الكعبين، وإياك وإسبال الإزار، فإنها من المخيلة، وإن الله لا يحب المخيلة، وإن امرؤ شتمك وعيرك بما يعلم فيك فلا تعيره بما تعلم فيه، فإنما وبال ذلك عليه .
وأخرجه nindex.php?page=showalam&ids=15397النسائي nindex.php?page=showalam&ids=13948والترمذي ، وقال: حسن صحيح.
وهذا ليس بشيء، ولا تعارض بين الحديثين، [فإن] قوله صلى الله عليه وسلم: nindex.php?page=hadith&LINKID=847858عليك السلام تحية الموتى ، إخبار عن الواقع مقرونا بالنهي عنه، وليس إخبارا عن المشروع، [فإنهم كانوا في] عادة الجاهلية في تحية الأموات يقدمون اسم الميت على الدعاء، كقول قائلهم:
عليك سلام الله قيس بن عاصم ورحمته ما شاء أن يترحما
وكأن الذي تخيله القوم من الفرق أن المسلم على [المرء]، لما كان يتوقع الجواب و[أن] يقال له: عليك السلام بدأوا باسم السلام على المدعو له توقعا لقوله: وعليك السلام. وأما الميت فلما لم يتوقعوا منه ذلك قدموا المدعو له على الدعاء فقالوا: عليك السلام .
قال nindex.php?page=showalam&ids=13332ابن عبد البر: ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : ما من رجل يمر بقبر أخيه، كان يعرفه في الدنيا فيسلم عليه، إلا رد الله عليه روحه، حتى يرد عليه السلام .
وسره أنه في الدعاء بالخير، يقدم اسم الدعاء المحبوب المطلوب الذي [ ص: 64 ] تشتهيه النفوس، فيبده القلب والسمع ذكر اسم المحبوب المطلوب، ثم يتبعه بذكر المدعو له.
وأما في الدعاء عليه، ففي تقديم المدعو عليه إيذان باختصاصه، بذلك الدعاء كأنه قيل له: هذا لك وحدك، لا يشركك فيه السامع، بخلاف الدعاء بالخير، فإن المطلوب عمومه، وكلما عمم به الداعي كان أفضل، فلما كان التقديم مؤذنا بالاختصاص ترك،ولهذا يقدم إذا أريد الاختصاص، كقوله: أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة ، والله أعلم.