المطلب السادس: الشرط السادس: أن يكون الموقوف عليه حرا
(الوقف على الرقيق)
وفيه مسائل:
المسألة الأولى: الوقف على المكاتب:
اختلف العلماء في صحة
الوقف على المكاتب على قولين: القول الأول: صحة الوقف على المكاتب مطلقا.
وهو مذهب
المالكية، وبه قال بعض
الحنابلة، واختاره
الحارثي.
القول الثاني: إن كان مكاتبا نفسه لم يصح الوقف عليه، وإلا صح.
وهو مذهب
الشافعية، قالوا: فإن عجز المكاتب بان أن الوقف منقطع الابتداء، وإن عتق وقد قيد الوقف بمدة الكتابة بان أنه منقطع الانتهاء فيبطل استحقاقه، وينتقل الوقف إلى من بعده، فإن أطلقه دام استحقاقه.
القول الثالث: عدم صحة الوقف على المكاتب مطلقا.
[ ص: 449 ]
وهو مذهب
الحنابلة.
الأدلة:
أدلة القول الأول: استدل لهذا القول بما يلي:
1 - قوله تعالى:
إنما الصدقات للفقراء والمساكين والعاملين عليها والمؤلفة قلوبهم وفي الرقاب والغارمين وفي سبيل الله وابن السبيل وجه الدلالة: أن الله في جعل المكاتبين مصرف من مصارف الصدقات، ويدخل في ذلك الوقف.
2 - أنهم يملكون أكسابهم، فصح الوقف عليهم.
3 - ما يأتي من الأدلة على صحة الوقف على القن، فالمكاتب من باب أولى.
أدلة القول الثاني: (عدم صحة وقف السيد على مكاتبه) :
استدل لهذا القول بما يلي:
1 - أنه لا يصح وقف السيد على مكاتبه، كما أنه لا يعطيه من الزكاة.
ونوقش هذا الاستدلال: أنه غير مسلم؛ إذ يجوز للسيد أن يعطي مكاتبه من الزكاة؛ لعموم الآية.
2 - أنه يصح وقف غير السيد على المكاتب؛ لأنه يملك.
دليل القول الثالث: (عدم صحة الوقف على المكاتب مطلقا) :
أن المكاتب ملكه ضعيف، ولأنه رقيق ما بقي عليه درهم.
[ ص: 450 ]
ونوقش: بالفرق بينه وبين القن بإثبات الملك له، وكون ملكه ضعيفا لا أثر له.
الترجيح:
الراجح - والله أعلم - صحة الوقف على المكاتب؛ لصحته على القن، فالمكاتب من باب أولى.