المطلب الخامس
المحاصة بين حقوق الله تعالى
إذا كانت الوصايا كلها من حقوق الله عز وجل.
فتحته مسائل:
المسألة الأولى: أن تكون الوصايا من الواجبات:
فلا يخلو من أمرين:
الأمر الأول: أن يوصي بإخراجها من رأس المال:
إذا أوصى بإخراج الواجبات من ثلث المال فإنها تخرج من ثلث المال بالاتفاق.
[ ص: 357 ] وإذا أوصى بإخراج الوصايا من رأس المال، فقد اختلف العلماء على قولين:
القول الأول: أن الوصية تخرج من رأس المال، وهو قول
الشافعية ،
والحنابلة .
القول الثاني: تخرج من الثلث، وهو قول
الحنفية ،
والمالكية .
الأدلة:
أدلة القول الأول 1 - قوله تعالى:
من بعد وصية يوصى بها أو دين .
وجه الدلالة: أن هذه الآية عامة في تقديم جميع الديون سواء كانت لله تعالى، أو للمخلوقين، على حق الورثة، ومن ثم تخرج من رأس المال تقديما لها على الميراث.
[ ص: 358 ] 2 - حديث
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس -رضي الله عنهما-
nindex.php?page=hadith&LINKID=651720أن امرأة من جهينة جاءت إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقالت: إن أمي نذرت أن تحج فلم تحج حتى ماتت، أفأحج عنها؟ قال: نعم، حجي عنها، أرأيت لو كان على أمك دين أكنت قاضيته؟ اقضوا الله ، فالله أحق بالوفاء .
وجه الدلالة: أن النبي -صلى الله عليه وسلم- شبه قضاء الحج بقضاء دين الآدمي، ودين الآدمي يكون بالإجماع، فكذلك ما شبه به في القضاء.
دليل القول الثاني:
أن من أخر الواجبات أو الديون لله عز وجل، ثم أوصى بها قبل وفاته متهم بالنسبة للورثة، لتستغرق هذه الواجبات جميع المال، فكان قصدا باطلا، فتعامل هذه الواجبات معاملة الوصايا، فإن أوصى بها أديت من الثلث، وإلا فلا.
ونوقش هذا الاستدلال: بأنه نظر مقابلة الأثر، فلا يحتج به.
الترجيح:
الراجح - والله أعلم - القول الأول; لقوة دليله ، ومناقشة دليل القول الثاني.