[ ص: 424 ] المبحث الثاني
في
الإقرار بالوصية
الإقرار في اللغة: الاعتراف.
وفي اصطلاح الفقهاء: قول يوجب حقا على قائله.
والمقصود هنا إقرار الورثة أو بعضهم بأن مورثهم أوصى في حياته قبل موته بشيء ما.
وفيه مطالب:
المطلب الأول: إقرار الوارث بموصى له واحد
وهو يختلف بحسب المقر، فإن كان محجورا عليه لسفه أو لصغر، كان إقراره باطلا لا أثر له، لا يلزمه به شيء، ولا يلزم باقي الورثة شيء أيضا، أما عدم لزوم الإقرار له; فلأنه محجور ومن شروط المقر التكليف وعدم الحجر، وأما عدم لزوم شيء للورثة فلأن شهادته باطلة; لأن من شروط الشهادة الرشد على المشهور المعمول به.
وإن كان رشيدا لا حجر عليه لزمه إقراره مطلقا، ذكرا كان أو أنثى،
[ ص: 425 ] واحدا أو أكثر، فإذا لم يكن مع المقر وارث، فإن الموصى له يأخذ جميع الوصية بدون يمين لعدم المنازع.
وإن كان معه وارث منكر لزم المقر من الوصية بقدر ما ينوبه فيها من الميراث، فإذا كانت الوصية بالثلث، لزمه ثلث ما ينوبه، وإن كانت بالربع لزمه ربع نصيبه، وهكذا، ولا يلزم غيره من الورثة المنكرين إذا كان المقر غير عدل، لإنكارهم وبطلان شهادة المقر عليهم لعدم عدالته.
فإن كان المقر عدلا واحدا رجلا فهناك قولان:
الأول: مذهب
المالكية ، وقياس قول
الشافعية والحنابلة : أن الموصى له يحلف، ويستحق وصيته.
الثاني:
للحنفية رد شهادة الوارث وعدم القضاء بها.
ومنشأ الخلاف هنا: الخلاف السابق في القضاء بالشاهد واليمين، فمن رأى القضاء به قال: بثبوتها بإقرار العدل الواحد; لأنه مقر على نفسه، وشاهد على غيره، ومن منع القضاء بالشاهد واليمين قال: بعدم ثبوتها بإقرار العدل الواحد من الورثة، ويلزمه نصيبه فقط.
بخلاف ما لو كان المقر اثنين من الورثة رجلين عدلين، فإن الوصية تثبت بإقرارهما على أنفسهما، وشهادتهما.
وإن كان المقر امرأة واحدة فيلزمها الإقرار في نصيبها، ولا تثبت بها الوصية، ولو كانت وصية كما سبق، بخلاف إقرار امرأتين عدلين فيجري فيهما الخلاف السابق في شهادة النساء بالوصية.