[ ص: 441 ] المبحث الرابع
حكم تغيير شرط الموصي، وأقسامه
الأصل: وجوب العمل بشرط الموصي، وعدم جواز تغييره وتبديله - كما سبق قريبا - ; لقوله تعالى:
فمن بدله بعدما سمعه فإنما إثمه على الذين يبدلونه ; لقول الله تعالى:
يا أيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود ، والإيفاء بالعقد يتضمن الإيفاء بأصله ووصفه، ومن وصفه الشرط فيه، ولما رواه
nindex.php?page=showalam&ids=3أبو هريرة -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال:
nindex.php?page=hadith&LINKID=3502835المسلمون على شروطهم ، ولأن الصحابة -رضي الله عنهم- أوصوا واشترطوا في وصاياهم، فلو لم يجب اتباع شرطهم لم يكن في اشتراطهم فائدة.
تغيير شرط الموصي ينقسم إلى ثلاثة أقسام:
القسم الأول: تغييره من أعلى إلى أدنى:
فهذا محرم ولا يجوز بالاتفاق; لما تقدم من الدليل على وجوب العمل بشرط الموصي.
مثل: أن يوصي لفقراء أقاربه ، فيصرف إلى فقراء الأجانب، ونحو ذلك.
القسم الثاني: تغييره من مساو إلى مساو:
[ ص: 442 ] وهذا أيضا محرم ولا يجوز بالاتفاق; إذ الأصل: وجوب العمل بشرط الموصي، لما تقدم من الدليل على ذلك.
مثل: أن يوصي لفقراء بلد، فيصرف إلى فقراء بلد آخر، ونحو ذلك.
القسم الثالث: تغييره من أدنى إلى أعلى: وله أحوال:
الحال الأولى: أن تكون الوصية بوقف من الأوقاف، فتقدم في كتابي أحكام الوقف حكم تغيير شرط الواقف، وأنه مشروع عند المصلحة الغالبة ، وقد ذكرت أقوال أهل العلم في هذه المسألة، وأدلتهم في كتابي: أحكام الوقف.
الحال الثانية: أن تكون لجهة خاصة:
كما لو وصى لزيد من الناس ونحو ذلك، فلا يجوز تغيير الوصية; لما تقدم من وجوب العمل بشرط الموصي، ولأن العين مقصودة هنا.
الحال الثالثة: أن تكون لجهة عامة.
مثل أن يوصي للعباد، فيصرفه إلى العلماء; إذ العلم عبادة متعدية ، بخلاف مجرد التعبد بالصلاة أو الاعتكاف ونحو ذلك، قال
شيخ الإسلام :حتى لو وقف على
الفقهاء والصوفية، واحتاج الناس إلى الجهاد صرف إلى الجند » .
فيظهر مشروعية ذلك عند المصلحة الغالبة، وقد نص العلماء على مواضع من تغيير شرط الموصي عند المصلحة كما سنذكره، ويدل لذلك الأدلة الكثيرة الدالة على تغيير شرط الواقف مع شدة لزوم الوقف، وقد سبق أن بينتها في كتاب "أحكام الوقف"، وسأشير إلى شيء منها.