الفرع الثاني: أن يكون الموصى به مما يحتاج فيه إلى الرأي، ولا يمكن الاجتماع عليه، وهو الخصومة في حقوق الميت.
إذا حصلت في حق الميت خصومة، فقد اختلف الفقهاء -رحمهم الله- في حكم انفراد أحد الوصيين بها على قولين:
القول الأول: لا يجوز لأحد الوصيين أن ينفرد بالخصومة.
وهو قول
المالكية، والشافعية، والحنابلة.
القول الثاني: يجوز لأحد الوصيين أن ينفرد بالخصومة.
وهو قول الحنفية:
الأدلة:
أدلة القول الأول:
أدلة القول بعدم جواز
انفراد أحد الوصيين بالخصومة:
1- أدلة القول بعدم جواز انفراد أحد الوصيين بالتصرف فيما يحتاج فيه إلى الرأي، ويمكن الاجتماع عليه.
2- أن القول بجواز انفراد أحد الوصيين بالخصومة يجعل من تعدد الأوصياء عبثا لا فائدة منه مع أن الموصي إنما قصد من ذلك تحقق
[ ص: 58 ] المصلحة، وهي إنما تتحقق باجتماع الوصيين على الخصومة، من حيث تبادل الرأي والمشورة، والخروج برأي واحد، ولو لم يكن قصده ذلك لاقتصر على أحد الوصيين.
دليل القول الثاني: (جواز
انفراد أحد الوصيين بالخصومة):
أن الوصيين لو حضرا لم يتكلم إلا أحدهما; لأنهما لو تكلما معا لم يفهم القاضي كلام كل واحد منهم، فلما أوصى إليهما بالخصومة مع علمه بتعذر اجتماعهما صار راضيا بخصومة أحدهما.
ويمكن أن يناقش: بأنه لا يسلم أن الاجتماع على الخصومة متعذر، بل هو ممكن، ولكن ليس المراد بالاجتماع هنا اجتماعهما على الكلام بحيث يتكلمان أمام القاضي في وقت واحد، بل المراد اجتماعهما على الرأي، وكيفية مدافعة الخصم، فإذا اتفقا على أمر معين انفرد أحدهما بالكلام أمام القاضي، وبالتالي لا يتحقق ما ذكروه من رضا الموصي بخصومة أحدهما دون الآخر.
الترجيح:
الراجح -والله أعلم- القول الأول; لقوة الأدلة التي استدلوا بها، وسلامتها من المناقشة، مع ضعف دليل القول الآخر; لما ورد عليه من المناقشة.