المسألة الثانية: أن يكون الموصى إليه عددا:
إن كان الموصي قد أوصى إلى اثنين وهما عدلان، ثم تغيرت حال أحدهما، أو حالهما جميعا بالفسق، فما الحكم؟وفيها فرعان:
الفرع الأول:
تغيير أحد الوصيين بالفسق.
اتفق الفقهاء -رحمهم الله تعالى- على جواز الوصية إلى اثنين في الجملة.
وعلى هذا إذا أوصى الموصي إلى شخصين، فلا تخلو الوصية إليهما من حالتين:
الحال الأول: أن يوصي إليهما منفردين، ويكون كل واحد منهما وصيا كامل النظر.
الحال الثانية: أن يوصي إليهما مجتمعين على أن لا ينفرد أحدهما بالنظر دون صاحبه.
فإذا فسق أحدهما في هذه الحالة عزل، ولم يجز للحاكم أن يقيم مقامه أمينا، ويكون الباقي هو الوصي، إلا أن يظهر فيه ضعف، أو عجز عن التصرف فيضم إليه أمينا.
ويدل لذلك:
1- أن الموصي رضي بنظر كل واحد منهما وحده .
2- أن الباقي منهما له النظر بالوصية، فلا حاجة لغيره.
[ ص: 80 ] الحال الثانية: أن يوصي إليهما مجتمعين، على أن لا ينفرد أحدهما بالنظر دون صاحبه:
فإذا فسق أحدهما أقام الحاكم أمينا مقام الفاسق المعزول.
لأن الموصي لم يرض بنظر الباقي منهما وحده.
وإن أراد الحاكم في هذه الحالة أن يفوض الجميع إلى الثاني لم يجز له ذلك; لأن الموصي لم يرض باجتهاده وحده، والوصية مقدمة على نظر الحاكم واجتهاده.
وعند
الشافعية وجه: أن له ذلك; لأن النظر لو كان لموت الموصي عن غير وصية، كان له رده إلى واحد كذلك ههنا.
الفرع الثاني: تغير حال الوصيين جميعا بالفسق.
إذا تغير حالهما بالفسق، فللحاكم أن ينصب مكانهما أمينين عدلين.
وهل له أن ينصب واحدا؟
للعلماء قولان:
القول الأول: له ذلك.
وهذا وجه عند الشافعية، وأصح الوجهين عند
الحنابلة.
وحجته: بأن حكم الوصية سقط بفسقهما، فكان ذلك إلى الحاكم بمنزلة ما لو لم يوص.
[ ص: 81 ] القول الثاني: ليس له ذلك.
وهذا الأصح عند
الشافعية، ووجه عند
الحنابلة.
وحجته: أن الموصي لم يرض بنظر واحد، ولم يقتنع به.
[ ص: 82 ] [ ص: 83 ]