المطلب الثاني: أخذ جزء من ربح ماله مقابل المضاربة به
وفيه مسألتان:
المسألة الأولى: مشروعية
المضاربة بمال اليتيم، ونحوه.
للولي أن يبيع ويشتري في مال اليتيم، وأن يدفعه لغيره مضاربة، بل صرح جمع من أهل العلم على استحباب ذلك.
وهذا قول جمهور أهل العلم.
ونص
الشافعية: على أنه يجب على الولي حفظ مال الصبي عن أسباب التلف، واستنماؤه قدر ما تأكله المؤن من نفقة وغيرها إن أمكن.
لكن اشترط
الحنابلة شرطين: أن لا يتجر به إلا في المواضع الآمنة، وأن لا يدفعه إلا إلى الأمناء، ولعله مراد غيرهم.
[ ص: 266 ] وحجة هذا القول:
1- ما تقدم من الأدلة على قربان مال اليتيم بالتي هي أحسن، والإصلاح في ماله، ومما يدخل في ذلك المضاربة به.
(323) 2- ما رواه
nindex.php?page=showalam&ids=13948الترمذي من طريق
المثنى بن الصباح، عن
nindex.php?page=showalam&ids=16709عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده -رضي الله عنه- أن
nindex.php?page=hadith&LINKID=662950النبي -صلى الله عليه وسلم- خطب الناس فقال: «ألا من ولي يتيما له مال، فليتجر له، ولا يتركه حتى تأكله الصدقة». [ ص: 267 ] وجه الدلالة: أن النبي -صلى الله عليه وسلم- أمر بالاتجار في أموال اليتامى، فدل ذلك على مشروعية المضاربة في أموالهم.
لكنه ضعيف لا يحتج به.
(324) 3- ما رواه
عبد الله في مسائله من طريق
nindex.php?page=showalam&ids=15716حسين المعلم، عن
nindex.php?page=showalam&ids=16709عمرو بن شعيب، عن
nindex.php?page=showalam&ids=15990ابن المسيب، عن
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر -رضي الله عنه- أنه قال: «ابتغوا في أموال اليتامى لا تستغرقها الصدقة».
(325) 4- ما رواه
nindex.php?page=showalam&ids=12074أبو عبيد من طريق
nindex.php?page=showalam&ids=15771حميد بن هلال، عن
محجن أو
ابن محجن أو
أبي محجن -الشك من
nindex.php?page=showalam&ids=16102شعبة- أن
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر قال
nindex.php?page=showalam&ids=61لعثمان بن أبي العاص: كيف متجر أرضك؟ فإن عندنا مال يتيم قد كادت الزكاة تفنيه؟» قال: فدفعه إليه، فجاءه بربح، فقال له
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر: «اتجرت في عملنا؟ اردد علينا رأس مالنا» قال: فأخذ رأس ماله، ورد عليه الربح.
وجه الدلالة من هذين الأثرين: فعل
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر -رضي الله عنه- وأمره بالعمل بأموال اليتامى في التجارة كيلا تأكلها الزكاة، فدل ذلك على مشروعية المضاربة في أموال اليتامى.
(326) 5- ما رواه
nindex.php?page=showalam&ids=16360عبد الرزاق من طريق
nindex.php?page=showalam&ids=15683حبيب بن أبي ثابت، عن
عبد الله بن أبي رافع قال: «باع لنا
nindex.php?page=showalam&ids=8علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- أرضا لنا بثمانين ألفا فأعطاناها، فإذا هي تنقص، فقال: كنت أزكيها».
[ ص: 268 ] (327) 6- ما رواه
nindex.php?page=showalam&ids=16360عبد الرزاق، عن
nindex.php?page=showalam&ids=17124معمر، عن
أيوب، عن
nindex.php?page=showalam&ids=14946القاسم بن محمد قال: «كنا يتامى في حجر
nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة، فكانت تزكي أموالنا ثم دفعته مقارضة فبورك لنا فيه».
وجه الدلالة: أن
nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة -رضي الله عنها- كانت تدفع أموال اليتامى الذين في حجرها مضاربة، فدل ذلك على مشروعية المضاربة في أموال اليتامى.
7- ولأن ذلك أحظ للمولى عليه; لتكون نفقته من فاضله وربحه كما يفعله البالغون في أموالهم.
القول الثاني: عدم جواز المضاربة بماله.
هو رواية عن
nindex.php?page=showalam&ids=12251الإمام أحمد.
وحجته: اجتناب المخاطرة به، وأن خزنه أحفظ له.
ونوقش هذا الاستدلال: بأن المضاربة بمال اليتيم مشروطة بانتفاء الخطر، ولا يسلم بأن خزنه أحفظ له، بل المضاربة به أحفظ لماله لينفق من فاضل ربحه، وخزنه سبب لاستهلاك الصدقة له.
الترجيح:
الراجح -والله أعلم- هو القول الأول; إذ هو الوارد عن الصحابة رضي الله عنهم.
[ ص: 269 ]