المسألة الثانية أن يكون بعوض:
مثل أن
يهب كتاب اليتيم مقابل دراهم .
فاختلف العلماء في ذلك على قولين:
[ ص: 317 ] القول الأول: الجواز.
وهو مذهب
الحنابلة، بشرط كون العوض مثل قيمة الموهوب فأكثر.
وحجته:
1- ما تقدم من الأدلة على جواز التجارة بمال اليتيم بالبيع والشراء، والهبة بعوض في معنى البيع.
2- أن الهبة بعوض معاوضة المال بالمال، فملكها كما يملك البيع.
3- أن العوض إذا كان أقل من قيمة الموهوب، فهو نوع من المحاباة، والولي لا يملك ذلك.
القول الثاني: أن هبة الثواب لا تجوز إلا بغبطة ظاهرة.
وهو مذهب
الشافعية.
ولم أقف له على دليل، ولعل دليلهم: أن تصرفات الولي منوطة بالمصلحة، ولا مصلحة إلا إذا كانت الهبة بعوض أكثر من القيمة، والله أعلم.
القول الثالث: عدم الجواز مطلقا.
[ ص: 318 ] وهو مذهب
الحنفية، والمالكية.
وحجة هذا القول:
أما
الحنفية فعللوا: أن الهبة بعوض هبة ابتداء، بدليل أن الملك فيها يتوقف على القبض، فلم تنعقد هبته، فلا يتصور أن تصير معاوضة.
ولعله يناقش: بعدم التسليم; بل الهبة بعوض مبادلة مال اليتيم، وهذا هو البيع.
وأما
المالكية: فعللوا: أن الهبة إذا فاتت بيد الموهوب لا يلزمه إلا القيمة، والوصي لا يبيع بالقيمة.
وتقدم أن
المالكية: لا يرون بيع مال اليتيم بالقيمة إلا إذا كان البيع لحاجة.
ولعله يناقش: بأن البيع بالقيمة جمهور أهل العلم على جوازه.
الترجيح:
يترجح -والله أعلم- جواز هبة الثواب بمثل القيمة، أو أكثر; إذ هذا هو البيع، والولي يملكه.