المطلب الثاني: وقت الابتلاء
اختلف العلماء في
وقت الابتلاء على قولين:
القول الأول: أن وقت الابتلاء قبل البلوغ، ولكن لا يختبر إلا المراهق المميز الذي يعرف البيع والشراء والمصلحة من المفسدة.
وإليه ذهب
الحنفية، والوجه الأصح عند
الشافعية، وهو المذهب عند
الحنابلة.
وحجته:
1- قوله تعالى:
وابتلوا اليتامى حتى إذا بلغوا النكاح .
[ ص: 355 ] وجه الاستدلال: أن ظاهر الآية يدل على أن ابتلاءهم قبل البلوغ؛ لوجهين:
الأول: أنه سماهم يتامى، وإنما يكونون يتامى قبل البلوغ.
الثاني: أنه مد اختبارهم إلى البلوغ بلفظ (حتى) فدل على أن الاختبار قبل البلوغ.
2- أن تأخير الاختبار إلى البلوغ مؤد إلى الحجر على البالغ الرشيد; لأن الحجر يمتد إلى أن يختبر ويعلم رشده; واختباره قبل البلوغ يمنع ذلك، فكان أولى.
القول الثاني: إن وقت الابتلاء بعد البلوغ.
وإليه ذهب
المالكية، والشافعية في وجه آخر،
والحنابلة في رواية.
وحجته: أن الاختبار هو أن يدفع إليه المال ليتصرف فيه بالبيع والشراء ونحوهما، وهذا لا يصح إلا بعد البلوغ; لأن تصرفه قبل ذلك تصرف ممن لم يوجد فيه مظنة العقل.
ونوقش: بأنه يؤدي إلى أن يحجر على البالغ الرشيد إلى أن يختبر، وهو باطل.
[ ص: 356 ] الترجيح:
الراجح -والله أعلم- القول الأول; لقوة دليله، وأما القول الثاني فقد أجيب عنه.
* * *