ومن الأمثلة التي ضربها فقهاء الحنفية لهذه الشروط الباطلة مما شرطها
[ ص: 74 ] بعض الواقفين في أوقافهم، وأفتى المفتون فيها بالإبطال، وحكم القضاة بعد الأخذ بها ما يلي:
1 -
إذا جعل الواقف النظر لشخص أو أشخاص، واشترط أن لا يعزلوا ولو خانوا.
فإن اشتراط عدم عزلهم مع ثبوت خيانتهم مخالف للمقررات الشرعية; لما فيه من إقرار الخائن على خيانته، وهو أيضا منافي لمصلحة الوقف والمستحقين.
2 - إذا
شرط الواقف أن للمتولي أن يؤجر الوقف بما يشاء، ولو كان أقل من أجرة المثل.
فهذا الشرط غير معتبر; لما فيه من إضرار بالوقف وبالمستحقين، حتى ولو كان المتولي هو المستحق.
3 - إذا
اشترط الواقف في وقفه أن لا يعمر أو يرمم حتى ولو تهدم وتعطلت منافعه، أو اشترط أن عطاء الموقوف عليهم مقدم على عمارة الوقف وصيانته.
فهذه الشروط وأمثالها باطلة، لا يلتفت إليها; لما فيها من الإضرار بالوقف وبالمستحقين.
القسم الثالث: شروط صحيحة، وهي الشروط التي لا تنافي مقتضى الوقف وليس فيها مخالفة لنصوص الشرع وقواعده المقررة، ولا تؤدي إلى ضرر بالوقف أو بالمستحقين.
كاشتراط الغلة لجهة معينة، واشتراط أداء دين ورثته من الغلات إذا لزمتهم ديون، واشتراط أن يكون لمتولي الوقف الزيادة والنقصان في
[ ص: 75 ] المرتبات، واشتراط أن يكون الاستحقاق في الغلات على مقدار الحاجة، واشتراط الصرف لأقاربه الفقراء على جهة الأولوية في الأوقاف الخيرية.
فهذه الشروط وأمثالها يجب الأخذ بها، والعمل على تنفيذها، وعدم مخالفتها; لأنها تحدد المصرف، وتعين المستحقين، وتنظم التوزيع من غير أن يكون هناك ضرر على أحد، ولا ضرر بالوقف، وليس فيها معصية ولا مخالفة للمبادئ الشرعية المقررة.
هذا تقسيم الفقهاء الحنفية لشروط الواقفين من حيث صحتها وبطلانها وأثرها على الوقف بطلانا وعدمه.
وبعض المتأخرين منهم قد يوجبون تنفيذ ما لا يتفق مع مقاصد الشرع العامة، أو مع مصلحة المستحقين.
ومن ذلك: أن
يشترط الواقف لاستحقاق زوجته في سكنى الوقف أو في الغلة أن لا تتزوج من بعده.