الأدلة:
أدلة القول الأول: (الصحة) : استدل لهذا القول بما يلي:
1 - الأدلة الدالة على صحة الوقف المطلق، وصحة الوقف المنقطع الأول والآخر، فإذا صح الوقف في هذه الأشياء، فمنقطع الوسط من باب أولى.
2 - أن وجود من لا يصح الوقف عليه كعدمه، فيكون كأنه وقف على الجهة الصحيحة من غير ذكر للباطلة.
3 - أن الواقف جمع بين من يجوز الوقف عليه، ومن لا يجوز الوقف عليه، فصح، كما لو باع حرا وعبدا.
4 - أن لكل واحد من الموقوف عليهم حكما لو انفرد، فإذا جمع بينهم ثبت لكل واحد منهم حكمه.
أدلة القول الثاني: (عدم الصحة) : استدل لهذا القول بما يلي:
1 - أن أوقاف الصحابة رضي الله عنهم ليس فيها انقطاع.
ونوقش هذا الاستدلال: أنه لا يسلم، فقد ورد عن الصحابة وقف
[ ص: 135 ] الحيوان، ومصيره إلى الانقطاع، وأيضا ذكر بعض أفراد العام بحكم يوافق العام لا يقتضي التخصيص.
2 - أن حقيقة الوقف نقل تلك المنافع إلى الموقوف عليه، وتمليك المعدوم باطل.
ونوقش هذا الاستدلال: بأن تمليك المعدوم ليس ممنوعا مطلقا.
3 - أن الواقف جمع بين من يجوز الوقف عليه وبين من لا يجوز الوقف عليه، أشبه تفريق الصفقة.
ونوقش: بأن مسائل تفريق الصفقة يصح العقد فيها فيما أذن فيه، ويبطل فيما لم يؤذن فيه، كما لو جمع في بيع بين مباح ومحرم، فيصح في المباح ويبطل في المحرم، وكذا الوقف.
4 - أنه يلزم منه تمليك لمعدوم.
ونوقش: بأن
الوقف على المعدوم جائز، كما حرر.
5 - أن
التأبيد شرط جواز الوقف لما سيذكر، وتسمية جهة تنقطع توقيت له معنى فيمنع الجواز.
أدلة القول الثالث: (التفصيل) :
1 - أن الوقف على الأول باطل، والثاني فرع لأصل باطل، فكان باطلا.
ونوقش: بعدم التسليم بأن الثاني فرع للأول، فإن استحقاق الثاني ثبت من الواقف مباشرة، وغاية ما فيه أن رتب استحقاقه على زوال الأول.
[ ص: 136 ] 2 - أن الابتداء إذا كان باطلا لم يمكن ترتيب الآخر على الأول لو كان فرعا له، وليس الأمر كذلك كما تقدم.
3 - أن الوقف المنقطع الابتداء باطل; لعدم إمكان الصرف في الحال; لأنه لم يوجد من مستحق وابتداء صحيح يبنى عليه.
ونوقش: أن وجود من لا يصح الوقف عليه كعدمه ، فكأن الواقف وقف على من بعده ممن يجوز الوقف عليه ابتداء فيصرف إليه في الحال.
ونوقش: بعدم التسليم; إذ الوقف المؤقت صحيح، كما تقدم في شرط التأبيد.
الترجيح: الراجح - والله أعلم -
صحة الوقف منقطع الابتداء والوسط; إذ الأصل صحة الوقف، وأنه فعل خير وقربة فلا يمنع منه.
***